عبد الله الدامون
مئات الأطنان من الأتربة انهارت فجأة وتسببت في «زلزال» مخيف
ضربت هزة أرضية قوية وغير مسبوقة صباح الأحد الماضي قرية «تيغرمان»، التابعة لجماعة قصر المجاز بدائرة القصر الصغير، بعمالة فحص أنجرة، على بعد حوالي 40 كيلومترا من طنجة، مما أدى إلى أضرار فادحة في المنازل والممتلكات، بينما نزح سكان القرية إلى مناطق أخرى طلبا للأمان.
وبدت القرية، التي تضم حوالي 15 منزلا، متضررة بشكل كبير من هذه الهزة، التي لا علاقة لها بالزلازل الطبيعية، بقدر ما هي مرتبطة بأخطاء فادحة ارتكبها مسؤولون فاسدون في المنطقة، عندما سمحوا بوضع كميات هائلة من الأتربة فوق هضاب قريبة من القرية قبل سنوات، حين كانت شاحنات عملاقة تفرغها في المنطقة، تحت حماية مباشرة من مسؤولي المنطقة وأفراد الدرك.
وبدت القرية كأنها تعرضت لزلزال قوي جدا، حيث بدت الكثير من المنازل آيلة للسقوط، فيما سقطت أجزاء من منازل أخرى، بينما يرتقب أن تنهار منازل متضررة في أي وقت، فيما غارت منازل كاملة في التراب بأزيد من ثلاثة أمتار.
وعاينت «المساء» الكثير من سكان القرية، وبينهم نساء وأطفال، وهم يفترشون الأرض في طقس بارد جدا، لأن عودتهم إلى المنازل المتصدعة صارت غير ممكنة، فيما لم يزر القرية المنكوبة أي مسؤول من المنطقة.
وقال السكان إنهم أحسوا بمنازلهم في طور الانهيار في الساعات الأولى من صباح الأحد، مما دفعهم إلى الإسراع للخروج من منازلهم في أجواء غاية في البرودة، ووجهوا نداءات استغاثة للمسؤولين، غير أن لا أحد التفت إليهم.
وجاء هذا الزلزال البشري، بعد أن انهارت مئات الأطنان من الأتربة في هضاب قريبة من القرية، وهي أتربة كانت موضع شكايات كثيرة من طرف السكان منذ عدة سنوات، لكن المسؤولين عن المنطقة تغاضوا عنها مما أدى إلى حدوث الكارثة.
وكانت شكايات وجهت إلى عدد من المسؤولين قبل سنوات، تتوفر «المساء» على نسخ منها، تشير إلى الخطورة الكبيرة التي تشكلها الأتربة التي أفرغتها الشاحنات هناك، غير أن هذه الشكايات ظلت حبرا على ورق، في الوقت الذي تعرض السكان للتهديد من مغبة الاحتجاج.
ويقول سكان المنطقة إن شاحنات عملاقة ظلت تفرغ مئات الأطنان من الأتربة عند مرتفع للقرية، وأن السكان حاولوا منعها، غير أن مسؤولين إداريين، مرفوقين بأفراد الدرك، هددوهم بالسجن إن هم اعترضوا سبيل الشاحنات، التي كانت أحيانا تفرغ الأتربة في القرية في عز الليل.
ويشير السكان إلى مسؤولين بعينهم كانوا وراء تلك الكارثة، وطالبوا بفتح تحقيق عادل وصارم مع كل المتورطين فيما جرى، بينهم شيوخ وقياد وأعوان سلطة اغتنوا بطريقة فاضحة مقابل تواطئهم.
ولم يتسن طوال صباح أمس الاتصال بأي مسؤول في عمالة فحص أنجرة، حيث كانت موظفة تقول إنهم غائبون أو في اجتماع.
وعلى الرغم من أن الهزة التي ضربت منطقة «تيغرمان» لا تختلف في شيء عن أي هزة أرضية قوية، فإن أي مسؤول في المنطقة لم يقم بزيارة إلى عين المكان. وعندما زارت «المساء» القرية المنكوبة بعد 24 ساعة من «الزلزال»، صودف وجود مسؤولين اثنين من عمالة فحص أنجرة، غير أنهما رفضا الكشف عن هويتهما وانسلا هاربين من عين المكان حين سئل أحدهما عن موقفه مما جرى. وقال السكان إن الشخصين المذكورين جاءا فقط من أجل مطالبة السكان بالصمت، وتهديدهم بالانتقام في حال كشفهم أسماء المسؤولين المتورطين أو الشركة المتورطة في إفراغ الأتربة وتواطؤ الدرك.
ولا تزال المنطقة مهددة بخطر أكبر مستقبلا، في الوقت الذي يرتقب فيه أن ينظم السكان احتجاجا أمام قيادة قصر المجاز وعمالة فحص أنجرة، فيما تعتزم جمعيات حقوقية ومدنية الدعوة إلى فتح تحقيق شامل حول الكارثة، خصوصا حول الشركة التي أفرغت الأتربة في المنطقة، والجهات التي قامت بحمايتها، والأطراف التي تسترت على الشكايات الكثيرة التي وجهها السكان إلى الجهات المسؤولة.
عن المساء