أظهرت نتائج الإحصاء العام للسكان والسكنى لعام 2024 أن مدينة طنجة أصبحت ثاني أكبر المدن المغربية من حيث عدد السكان، إذ بلغ عدد سكانها حوالي 1.275 مليون نسمة، متجاوزة مدنًا رئيسية مثل فاس ومراكش.
واحتفظت مدينة الدار البيضاء بالمركز الأول كأكبر حواضر المغرب بتعداد سكاني يناهز 3.236 مليون نسمة.
ويرى مراقبون أن هذا الارتفاع السكاني في طنجة يعكس تحولًا ديموغرافيًا واقتصاديًا لافتًا، إذ باتت المدينة تستقطب فئات متنوعة من السكان بفضل ديناميتها الاقتصادية وطفرة مشاريع البنية التحتية التي شهدتها خلال العقدين الماضيين.
وخلال العقدين الأخيرين، رسخت طنجة تحولها من مدينة حدودية هادئة إلى قطب اقتصادي بفضل المشاريع المهيكلة الكبرى، لا سيما ميناء طنجة المتوسط، الذي عزز موقعها كبوابة للتجارة العالمية بين أوروبا وإفريقيا، وجذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية والوطنية.
وتُظهر الإحصاءات التاريخية مسار نمو ديموغرافي متسارع لطنجة منذ الثمانينات وحتى اليوم.
ففي تعداد عام 1982، بلغ عدد سكان المدينة حوالي 400 ألف نسمة فقط، مما يعكس طبيعتها الحدودية الهادئة آنذاك.
ومع بداية التسعينات، بدأت تظهر ملامح تحولات اقتصادية أدت إلى نمو سكاني ملحوظ، حيث سجل تعداد عام 1994 حوالي 556 ألف نسمة، وهو ارتفاع كبير يعكس بداية الطفرة الاقتصادية والاجتماعية.
وخلال العقد الأول من الألفية الثالثة، تضاعف عدد السكان تقريبًا، ليصل إلى نحو 700 ألف نسمة في إحصاء 2004، مستفيدًا من الإصلاحات والمشاريع الكبرى التي شهدتها المدينة، مثل تحسين البنية التحتية وتطوير مناطق صناعية جديدة.
ومع انتهاء العقد الثاني، وبحلول عام 2014، بلغ تعداد سكان طنجة حوالي 947 ألف نسمة، حيث ساهم مشروع ميناء طنجة المتوسط والبنيات الاستثمارية في استقطاب مزيد من السكان العاملين في قطاعي الصناعة والخدمات.
ويطرح تحول طنجة إلى ثاني أكبر مدينة سكانية أسئلة جديدة حول استراتيجيات التنمية الوطنية، إذ إن الزيادة السكانية السريعة تضع ضغطًا متزايدًا على الموارد والبنية التحتية.
ويشير خبراء إلى أن هذا النمو يتطلب من المتدخلين وضع سياسات عاجلة لتحسين الخدمات الصحية والتعليمية والنقل في المدينة، بالإضافة إلى توفير السكن المناسب لمواجهة ارتفاع الطلب.
ورغم التحديات، يُنظر إلى نمو طنجة على أنه نجاح يعكس جذبها للسكان والأنشطة الاقتصادية، مما يعزز من موقعها في المشهد الاقتصادي الوطني.
ومع ذلك، يبقى التحدي يتمثل تحقيق العدالة المجالية وضمان استفادة جميع السكان من خدمات أساسية تواكب تطلعاتهم وتخفف من الضغط المتزايد على الموارد الوطنية.