بقلم: عثمان بنشقرون*
طنجة: من الرومان إلى رولينغ ستونز- Tangier: From the Romans to the Rolling Stones هو عنوان الكتاب الثاني الذي نشره الكاتب والصحفي البريطاني ريتشارد هاملتون.
ويعتبر أول دليل للتاريخ الثقافي يرسم صورة حميمية للمدينة من خلال عيون الكتاب والفنانين والموسيقيين الذين عاشوا في طنجة على مدى العقود الماضية إلى غاية ما بعد الاستقلال بسنوات.
يستكشف ريتشارد هاملتون مراسل بي بي سي السابق في شمال إفريقيا في أكثر من 320 صفحة الطبقات التاريخية المتعددة الأوجه في طنجة، من خلال أعلامها العالميين ويعيد رسم طبوغرافية الفنادق والمقاهي والأزقة والأسرار المعتمة لأقدم مدينة ساحلية في شمال افريقيا.
في هذه الصورة الحميمة لمدينة طنجة، يسلط هاملتون الضوء على مجموعة من الكتاب وبالخصوص الأنكلوسكسونيين، الأمريكيين والبريطانيين الذين فروا من القيود في بلادهم بالاستفادة من الأجواء المريحة التي كانت تتيحها أجواء طنجة الدولية.
كما بحث الكاتب عن العوامل التي حفزت هؤلاء المثقفين على التمرد. ووقف على ما ألهمهم في كتابة بعضا من أعظم الروايات في القرن العشرين وعلى الأجواء التي عاشوا فيها وكيف ارتموا في أحضان المخدرات وكيف حطموا كل الطابوهات الثقافية. وكيف أصبحت طنجة ملاذا آمنا للغربيين المثليين في وقت كانت الفوارق بين المغاربة والأجانب محفزة لذلك.
وسفرد هاملتون لهؤلاء الكتاب الأسطوريين مثل بول بولز وويليام بوروز، مؤلفي كتاب The ShelteringSky و Naked Lunch وغيرهم من الفنانين كبراين جونز مع رولينجستونز، وهنري ماتيس وابن بطوطة ومحمد المرابط، بابا خاصا تم من خلاله نسج الكتاب بقصص هؤلاء العابرين والمقيمين والقراصنة والسلاطين والفنانين والموسيقيين والكتاب والأمراء والرحالين، والأشخاص المنسيين الذين عبروا هذه المدينة الأسطورية والأسطورة التي تركوها وراءهم.
هكذا يقدم كتاب هاملتون نفسه باعتباره تاريخًا ثقافيًا لطنجة، ويرى أنه أمر لم يحدث من قبل، رغم أن طنجة بقيت باستمرار مرتعا للمتخيل ووجهة مشهورة ولا زالت بتاريخها الغنيبشكل غير عادي –بدءا من التأسيس القديم المشبع بالخرافات والأساطير إلى سنوات الغزو والاحتلال مرتع التنافس الأوروبي وموقع التجسس والمؤامرات إلى العصر الذهبي في الخمسينيات والستينيات والسبعينيات، فالتراجع ثم التجديد الأخير.
والجميل في هذا الكتاب بالإضافة لإبرازه تاريخ ماضي المدينة التاريخي والثقافي هو تحلي صاحبه بثقافة الاعتراف بالآخر سواء في كتابه الأول حينما أتى على ذكر مصادره من الحكواتيين وتوثيق أسمائهم أو في كتابه هذا، حيث عبر في الأسطر الأولى من تقديمه للكتاب عن الشكر والامتنان للكاتب الطنجاوي عثمان بن شقرون الذي صاحبه على الأرض الواقع وسافر معه عبر صفحات هذا الكتاب لمدة تناهز أربع سنوات.
يقول هاملتون في الأسطر الأولى من تقديم الكتاب: “لقد ساعدني كثير من الناس في كتابة هذا الكتاب. وأنا مدين أكثر لعثمان بن شقرون الذي بدونه ما كنت سأعرف شيئا عن طنجة من وجهة نظر مغربية”
ريتشارد هاملتون صحفي بريطاني يعمل مع بي بي سي منذ عام 1995. وهو حاصل على درجة الإجازة في الفلسفة والدراسات اليونانية من جامعة بريستول، وشهادة في القانون من كلية الحقوق، ودرجة الدراسات العليا في الصحافة الإذاعية من كلية لندن وشهادة ماجستير في الدراسات الأفريقية، من كلية الدراسات الشرقية والأفريقية.
صدر له أول كتاب هو: آخر الحكواتيين، قصص من قلب المغرب – The Last StorytellersTales from the Heart of Morocco، سنة 2011 أشادت به مجلة The Observer ، والملحق الأدبي لجريدةThe Times ، وNew York Journal ، كما أشاد به الملكالملك محمد السادس فيرسالة وجهها إلى الكاتب، ويعتبر هذا كتاب هاملتون الأول عن المغرب. وهو بمثابة سفر في حكايات الحكواتيين المغاربة من مدينة مراكش.حاول به إنقاذ هذا التقليد الشفاهي الغني والآسر الآيل للاندثار.
*كاتب ومؤرخ