في أول سابقة من نوعها أقدمت وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية على إصدار بلاغ يدعو المسجلين في لوائح الحج برسم سنة 2011 بعد خضوعهم لإجراء القرعة في سنة 2010 تطالبهم فيه بإيداع 39 ألف درهم في حساب بنك البريد بجميع أنحاء المغرب ابتداء من 17 يناير 2011 إلى 28 منه، علما أن عملية الذهاب إلى الديار المقدسة لن تنطلق إلا بعد ثمانية أشهر من الآن . هذا القرارالمفاجئ والمثير للانتباه قد طرح تسؤلات في أوساط المعنيين بالأمر الذين لا زالوا يبحثون عن سر الاستعجال في استخلاص الأموال الباهظة مع طول المدة المتبقية للانطلاق موسم الحج؟
فماذا سيكون مصير هذه الأموال في حالة تعذر الذهاب بالنسبة لمن اعترضه عائق المرض، أو الوفاة لا قدر الله ، وكيف سيتأتى للشخص ، أو لورثته استرجاع تلك الأموال ؟
– إن إيداع هذه الأموال التي تغطي مساهمات قرابة 35 ألف حج – إذا استثنينا المتعاقدين مع الوكالات وهم الأٌقلية- لمدة طويلة في البنك ، يترتب عنه تكون هامش للربح الخاص بالفائدة ، فمن سيستفيد من هذا الرصيد الهام المتكون؟ وهل تسمح وزارة الأوقاف لنفسها بتسخير هذه الأموال التي يعرف حكمها من الناحية الشرعية ؟
وللعلم فإن هذه المبالغ يمكن أن لا تكون متوفرة لدى كل المسجلين ، أو أنه ينتظر جمعها بالنسبة للبعض، كما يمكن أن تكون في طور التكون عبر نشاط يزاوله الشخص وتكون عمدة قوت عياله ، وأساس استقراره، وفي هذه الحالة يكون الشخص بين خيارين إما التنازل عن الحج، أو المغامرة باقتراض دين، أو التضحية بمصالحة..
قد يكون للجهات المسؤولة تبرير آخر يتعلق بالتعاقد المبكر مع موردي الخدمات، من نقل وإقامة … من أجل ضمان حسن الخدمات ، وتلافي الوقوع في مشكل الخصاص، والتأخر الذي تترتب عنه الإقامة البعيدة عن الأماكن المخصصة لأداء مناسك الحج.. وهذا أيضا يفنده التقرير السنوي لحصيلة ما يفرزه موسم الحج في صفوف الحجاج المغرابة وما يعانونه من مآسي وممارسات غير مقبولة بسبب الإهمال وسوء الخدمات، والتقصير في المسؤولية من طرف الجهات المختصة ..
كل ذلك ، يبقي الباب مشرعا أمام كل التأويلات المقبولة والغير المقبولة، ومن كان بيته من زجاج فلا يضرب الناس بالحجارة ، فإلقاء الوزارة بهذه الحجارة التي كسرت الواجهة ، أثارت قلق المرشحين للحج ونغصت عليهم راحتهم النفسية والروحية والمادية ..
ويخشى أن تطمع الوزارة في المزيد في السنوات المقبلة بعد تجريب هذه الصفقة المربحة، فتقرر استخلاص الاشتراكات قبل سنة أوسنتين من حلول تاريخ الزيارة إلى الحج. ولا ننسى أن قيمة هذا الاشتراك لا زالت ترتفع سنويا، فقد انتقل المبلغ من 20 ألف درهم إلى قرابة 40 ألف درهم خلال فترة محدودة ، كما أن الخدمات ظلت هي نفسها على مستوى الجودة والفعالية وتوفير شروط الراحة والأمان للحجاج الميامين ، ويكفي الرجوع إلى ما تناولته الصحف خلال السنوات الأخيرة ليتبين لنا مستوى التقدم الحاصل في تدبير القطاع.
المكتب المركزي لرابطة الدفاع عن حقوق المستهلكين.