تتفاقم إشكالات السير والجولان بمدينة طنجة عامًا بعد آخر، رغم التطور الكبير الذي عرفته البنية التحتية بالمدينة التي تجاوز عدد سكانها 1.2 مليون نسمة وفق آخر إحصاء رسمي.
وتعيش مختلف الشوارع والمدارات الحضرية في عاصمة البوغاز اختناقات مرورية حادة، خاصة في أوقات الذروة، نتيجة الاعتماد المفرط على السيارات الخاصة، التي يزداد عددها سنويًا بنحو 8%، حيث تجوب المدينة أكثر من 300 ألف مركبة يوميًا.
ويتزامن هذا الوضع مع ضعف كبير في منظومة النقل العمومي، التي لا توفر سوى 160 حافلة، ما يغطي بالكاد 30% من احتياجات التنقل اليومية للسكان.
وفي سياق الاستعداد لكأس العالم 2030، أشار تقرير صادر عن الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) إلى ضعف منظومة النقل الحضري في طنجة، واصفًا إياها بـ”غير الكافية” لمواكبة تدفق الجماهير المتوقع خلال التظاهرة العالمية.
وشدد التقرير على ضرورة تحسين النقل العمومي بشكل عاجل وتطوير البنية التحتية لتفادي أزمة قد تؤثر على قدرة المدينة في استضافة المباريات.
وتُسجل المدينة خسائر اقتصادية كبيرة مرتبطة بالاختناقات المرورية، تُقدّر بملايين الدراهم سنويًا، نتيجة التأخر والإنتاجية المهدرة، بالإضافة إلى ارتفاع مستويات التلوث، خاصة في الشوارع الرئيسية مثل شارع الجيش الملكي وشارع مولاي رشيد، حيث تتجاوز معدلات ثاني أكسيد الكربون المستويات الموصى بها من قبل منظمة الصحة العالمية.
ورغم الوعود والمشاريع المُعلنة، مثل مشروع “التلفريك” وتوسيع أسطول النقل العمومي، إلا أن التنفيذ لا يزال متعثرًا بسبب عقبات مالية وإدارية.
ويرى الخبراء أن الحل يكمن في تبني مقاربة متكاملة تشمل تعزيز النقل الجماعي بإضافة حافلات جديدة، تطوير خطوط الترامواي، وإنشاء ممرات خاصة للحافلات لتسريع التنقل داخل المدينة.
ويعكس هذا الوضع أزمة أعمق على المستوى الوطني، حيث أكد المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي أن نحو 60% من المغاربة يضطرون للمشي لمسافات طويلة بسبب نقص وسائل النقل العمومي، وهو واقع يبدو جليًا في طنجة، التي تواجه تحديًا مضاعفًا بسبب موقعها الجغرافي وأهميتها الاقتصادية.
في ظل هذه التحديات، باتت الحاجة ملحة لتدخل عاجل يوازن بين تطور المدينة وتحقيق بنية نقل فعالة، خصوصًا مع اقتراب الاستحقاقات الكبرى التي تتطلب جاهزية على كافة الأصعدة لاستيعاب متطلبات المرحلة المقبلة.