على غرار باقي بلدان العالم، يحتفل المغرب، اليوم الخميس، باليوم العالمي للتبرع بالأعضاء والأنسجة البشرية، وهو موعد لتحسيس المتبرعين المحتملين من أجل إنقاذ أرواح الآخرين وتحسين جودة حياة المرضى المصابين بأمراض خطيرة.
ويعد التبرع بالأعضاء أحد أرقى السلوكات التضامنية والإنسانية التي يمكن أن يقوم بها الإنسان في الوقت الذي ينتظر فيه آلاف الأشخاص حول العالم، سنويا، عملية زرع أعضاء قد تنقذ حياتهم. ومع ذلك، فإن نقص عدد المتبرعين بالأعضاء غالبا ما يحد من فرص الشفاء.
وفي المغرب، يتم بذل جهود حثيثة من قبل مختلف الفاعلين من أجل زيادة وعي الساكنة بأهمية التبرع بالأعضاء وتشجيع الانخراط في هذه القضية النبيلة.
وأبرز طبيب الكلى حفيظ حدادي، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، التأثير البالغ للتبرع بالأعضاء، موضحا أن “شخصا واحدا يمكنه إنقاذ حياة ما يصل إلى ثمانية أشخاص بفضل أعضائه، وتحسين جودة حياة العديد من الأشخاص الآخرين من خلال التبرع بالأنسجة”.
إلا أنه سجل أن “الأحكام المسبقة ونقص المعرفة حول التبرع بالأعضاء لا يزالان يعيقان العديد من المبادرات”.
لحد الآن، يوجد آلاف المرضى على قائمة الانتظار لزراعة الأعضاء في المغرب. وغالبية هؤلاء يعانون من الفشل الكلوي، لكن الحاجة إلى زراعة الكبد والرئة والقلب آخذة في الازدياد.
وتؤكد شهادة مريم، 35 عاما، التي تبرعت بكليتها لزوجها الذي يعاني من فشل كلوي في مراحله الأخيرة، الأهمية الحيوية لهذا التبرع. وتقول، في هذا الصدد، “لقد كان قرارا صعبا، لكنني كنت أعلم أنه بدون عملية الزرع هذه، لم يكن لديه الكثير من الأمل”، مضيفة، بغير قليل من المشاعر، “إننا نعيش، اليوم حياة طبيعية ولم أندم على قراري البثة. إنه ليس مجرد تبرع بعضو بشري، بل هو منح بارقة أمل”.
وفي الجانب الآخر من المشهد، يؤكد يوسف، الذي استفاد من عملية زرع نخاع العظم بعد فترة انتظار دامت سنتين، على التأثير الكبير لهذه العملية على حياته، “لقد أرهقني المرض تماما، جسديا وذهنيا. وبفضل عملية الزرع هذه، أشعر بأنني أفضل من أي وقت مضى وأنا أستمتع بكل لحظة”. ويأمل أن يتمكن من خلال تقاسم تجربته من تشجيع المزيد من الأشخاص على التفكير في التبرع بالأعضاء.
ويشدد الدكتور حدادي على ضرورة تثقيف العموم وتحسيسهم بأهمية التبرع بالأعضاء والأنسجة، مشيرا في هذا الصدد، إلى أن “الكثير من الناس يجهلون الخطوات الواجب اتخاذها، أو يخشون أن يتعارض ذلك مع معتقدهم. ولهذا ينبغي القيام بحملات توعية تعتمد الوضوح وسهولة الولوج وتبعث على الطمأنينة، من خلال توضيح أن التبرع لا يمس بكرامة المتبرع بأي حال من الأحوال”.
ومن الناحية القانونية، ينص القانون رقم 16-98 المتعلق بالتبرع بالأعضاء والأنسجة البشرية واستئصالها وزرعها على أن يكون التبرع طوعيا ومجانيا، وبالتالي يحظر أي شكل من أشكال الاتجار بالأعضاء. وتتمثل أولوية هذا القانون في ترجيح البعد الأخلاقي وحماية المتبرعين والمستفيدين على حد سواء.
ويعد التسجيل في السجل الوطني للمتبرعين، وهي عملية لا تزال غير معروفة لدى عامة الناس، أحد التحديات الرئيسية في هذا المجال، ولمعالجة هذا الوضع، يتم تنظيم حملات توعية بانتظام في جميع أنحاء المملكة لتشجيع المواطنين على التسجيل.
ويشكل الاحتفال باليوم العالمي للتبرع بالأعضاء والأنسجة البشرية فرصة لتذكير الجميع بأن التبرع بالأعضاء هو سلوك نبيل من أجل الحياة. ورغم أن التحديات لا تزال قائمة، لا سيما في ما يتعلق بالتوعية والبنى التحتية، فإن الجهود المبذولة لدعم هذه القضية تكتسب زخما متواصلا. فالمطلوب، برأي مريم، هو “اتخاذ قرار لتغيير حياة الآخرين”.