مع تسارع مشاريع التنمية في مدينة طنجة، واستعدادها لاستضافة فعاليات رياضية كبرى مثل كأس العالم 2030، تبرز ظاهرة التسول الاعتيادي كإحدى القضايا التي تلقي بظلالها على مشهد المدينة، خاصة في المناطق الحيوية التي تشهد إقبالًا من السياح والمستثمرين.
وفي أماكن مثل ساحة الأمم، الكورنيش، ومحيط المراكز التجارية، يتزايد انتشار ممتهني التسول الاعتيادي الذين أصبحوا جزءًا مألوفًا من المشهد اليومي.
هذه الظاهرة لا تؤثر فقط على التجربة السياحية في المدينة، بل تثير مخاوف بشأن انعكاساتها على مشاريع التنمية التي تهدف إلى تعزيز مكانة طنجة كوجهة اقتصادية وسياحية.
ورغم أن التسول كان يُنظر إليه تقليديًا كنتاج للفقر والهشاشة الاجتماعية، إلا أن تقارير إعلامية حديثة، مثل تلك التي نشرتها جريدة طنجة 24 الالكترونية قبل اشهر، تُظهر أن معظم ممارسي هذا النشاط تجاوزوا الحاجة إلى الاعتماد عليه كوسيلة للعيش. على العكس، ليصبح التسول الاعتيادي مصدر دخل غير مشروع تقف خلفه شبكات إجرامية منظمة تمتد أنشطتها إلى مجالات أخرى مثل السرقة والدعارة.
وبحسب ذات التقارير، يفد العديد من المتسولين إلى طنجة على متن قطار البراق ووسائل نقل اخرى مريحة، خاصة خلال المناسبات الدينية والمواسم السياحية، حيث يحققون أرباحًا يومية تتراوح بين 1000 و3000 درهم.
وتسلط هذه الحقائق الضوء على الطابع المنظم لهذه الظاهرة، مما يجعلها تحديًا أمنيًا واقتصاديًا أكثر منه قضية اجتماعية بحتة.
وتأتي هذه الظاهرة في وقت تحاول فيه السلطات معالجة قضايا مشابهة، كظاهرة الحراس العشوائيين الذين أثّر وجودهم على الأنشطة التجارية والأمن العام.
ورغم اتخاذ قرارات حاسمة بشأن هؤلاء الحراس، إلا أن معالجة التسول الاعتيادي تبدو أكثر تعقيدًا. فهي تتطلب استراتيجيات متكاملة تشمل مكافحة الشبكات الإجرامية وضبط الأنشطة غير القانونية المرتبطة بها، مع تعزيز الجهود الأمنية والاجتماعية.
تاريخيًا، ارتبطت مدينة طنجة بموقعها الاستراتيجي كبوابة بين أوروبا وإفريقيا، ما جعلها محط اهتمام الاستثمارات الكبرى، خاصة في مجالات الموانئ والصناعة.
ومع هذه الدينامية الاقتصادية، برزت تحديات اجتماعية، من بينها الهجرة الداخلية التي زادت الضغط على البنية التحتية والخدمات، مما ساهم في تنامي الظواهر السلبية مثل التسول.
ويرى مراقبون أن التعامل مع هذه الظاهرة يتطلب توازنًا دقيقًا بين ضبط المشهد العام وإيجاد حلول مستدامة، بعيدًا عن اختزال القضية في أبعاد اجتماعية فقط.
ومع اقتراب طنجة من استحقاقات كبرى مثل استضافة كأس العالم 2030، يظل القضاء على هذه الظواهر ضرورة ملحة لحماية صورتها كمركز حضري حديث يعكس رؤيتها التنموية.
في ظل هذه التحديات، يتساءل المتابعون عما إذا كانت المدينة قادرة على المضي قدمًا في تحقيق رؤيتها دون معالجة هذه الاختلالات التي قد تقوّض المكاسب الاقتصادية والاجتماعية المنتظرة.