يبدو أن ثمار عمليات التأهيل التي طالت مغارة “هرقل” القصية بـ 14 كيلومترا غرب مدينة طنجة، قبل عدة سنوات، آخذة في التلاشي، بفعل السلوك البشري من جهة وغياب الصيانة الدورية من طرف الجهات المسؤولة من جهة ثانية، حيث باتت تعاني المغارة كما محيطها الخارجي من تداعي جل المرافق والتجهيزات بفعل التخريب والإهمال.
وأصبحت”مغارة هرقل”، التي خضعت لعملية تأهيل في عهد الوالي السابق محمد اليعقوبي، عرضة لتلاشي أرضية فضائها الداخلي ومحيطها، التي باتت مليئة بالحفر، فضلا عن تحطيم وإتلاف معظم التجهيزات والمنشآت المتواجدة في هذا المكان الذي يصنف كمزار سياحي من داخل المغرب وخارجه.
عند مدخل الساحة المحيطة بالمغارة، أول ما يلفت انتباه الزائر هو مشهد حاوية للنفايات تحمل شارة الشركة المفوضة لها تدبير قطاع النظافة بمدينة طنجة، وقد تناثرت من حولها كميات من الأزبال بكيفية عشوائية، في مشهد مخل بالقيمة السياحية والتاريخية لهذا الفضاء الذي يكاد يرتبط بالتمثلات المقترنة بمدينة طنجة.
وعلى بعد خطوات من هذا المشهد، لا تخفى على الزوار ما آلت إليه حال مختلف التجهيزات، من كراسي ولوحات إرشادية وحاويات، تم تعزيزهذا الفضاء السياحي بها قبل نحو 5 سنوات، حيث تبدو بصمة أيادي التخريب وعوامل الإهمال بادية بوضوح.
وبكثير من الامتعاض، ينتقد نشطاء وفاعلون جمعويون في مدينة طنجة، هذا الوضع المزري الذي آلت إليه أشهر معلمة سياحية في “عروس الشمال”، في ظل غياب أي تدخل للصيانة والحد من الخسائر التي تتسبب فيها عمليات التخريب.
وفي تصريح لجريدة طنجة 24 الإلكترونية، قال الناشط الحقوقي والخبير في الشأن المحلي، حسن الحداد “أستنكر الوضع المزري الذي آل إليه هذا المعلم السياحي”، مضيفا أن “على الجماعة الترابية، بصفتها حاملة المشروع، أن تتحمّل مسؤوليتها التامة في توفير الصيانة اللازمة”.
بينما علق الفاعل الجمعوي، حسن علاج، على الموضوع قائلا “هناك بند في الميزانية الجماعية يتعلق بصيانة التجهيزات والمنشآت”، متسائلا عن مآل الاعتمادات المخصصة لهذا الجانب أمام التردي الذي تشهده المنشآت الموجودة بمغارة هرقل.
وكان مشروع تأهيل “مغارة هرقل”، قد رصد له غلاف مالي بقيمة 10ملايين درهم، لتدعيم جدرانها، فضلا عن إعادة تهيئة الفضاءات الخارجية، وبناء محلات تجارية، ومقاهي ومطاعم، وتحديث شبكة الإنارة.
وقدمت السلطات الوصية، الهدف من مشروع إعادة تأهيل مغارة “هرقل”، الذي دشنه الملك محمد السادس، في أكتوبر 2015، إلى حماية وتثمين هذا الموقع الطبيعي المصنف كتراث تاريخي، وتعزيز جاذبيته كفضاء للترفيه، إلى جانب تشجيع السياحة الإيكولوجية بالجهة والنهوض بها
وأنجز هذا المشروع، الذي كان الملك محمد السادس، قد أعطى انطلاقته في 26 مارس 2014، في إطار شراكة بين وزارة الداخلية، وعمالة طنجة- أصيلة، والجماعة الحضرية لطنجة.
وتعتبر تعتبر مغارة هرقل، أكبر مغارات إفريقيا، حيث توجد فيها سراديب تمتد إلى مسافة 30 كيلو متراً في باطن الأرض، وتستقطب المغارة السياح وهواة الاستغوار منذ اكتشافها عام 1906.
والمغارة التي نحتتها الطبيعة في بطن مرتفع صخري تشرف على المحيط الأطلسي غير بعيد عن بوغاز جبل طارق، حيث تلتقي مياه البحر الأبيض المتوسط بمياه المحيط الأطلسي، وتنتمي إلى مجموعة مغارات منطقة أشقار التي يعود تاريخ استيطانها إلى خمسة آلاف عام قبل الميلاد.