بعد مرور قرنين من الاحتلال، شهدت مدينة طنجة في سنة 1684 م حدثًا تاريخيًا بارزًا حيث تم تحريرها من قبضة الاحتلال البرتغالي والإنجليزي، والذي استمر لفترة طويلة انطلاقًا من سنة 1471.
ووفقًا للمصادر التاريخية، فإن اليوم الذي دخل فيه المغاربة المدينة محررين بعد فرار الإنجليز عبر البحر كان في الخامس من فبراير سنة 1684، وهذا التاريخ يوافق اليوم الأول من شهر ربيع الأول لسنة 1095 هجريًا.
تعد هذه الذكرى المزدوجة حدثًا خاصًا ومميزًا في تاريخ أهل طنجة، حيث تمازجت فيها فرحة تحرير المدينة من الاحتلال مع فرحة عظيمة بمناسبة مولد النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
وما يزيد من أهمية تاريخ المولد النبوي في 12 ربيع الأول لسنة 1095 هجرية في طنجة هو أنه أول عيد مولد نبوي يُحتفل به في المدينة بعد غياب دام لأكثر من قرنين من الزمن بسبب الاحتلال البرتغالي في البداية والإنجليزي في النهاية.
وحسب إفادة الباحث في التاريخ، الدكتور رشيد العفاقي، فإن لعلاقة سكان طنجة بهذه الذكرى خصوصية خاصة. تعود جذور هذه العلاقة وتعززت أواصرها منذ عصر الدولة المرينية التي حكمت بلاد المغرب الأقصى خلال الفترة ما بين القرنين الثالث عشر والخامس عشر الميلاديين.
علاقة سكان طنجة، بذكرى المولد النبوي، راسخة منذ القدم، وفق الدكتور العفاقي، الذي يورد أن الرحالة الشهير ابن بطوطة، ضمن مدونته الشهيرة “تحفة النظار في غرائب الأمصار وعجائب الأسفار”، ما يفيد أن السكان كانوا يحرصون على إحياء ليلة النصف من شعبان وليلة المولد النبوي.
بعد عهد المرينيين، جاءت فترة الاحتلالات المتعاقبة من البرتغاليين والإسبان والإنجليز، ولم تتحرر مدينة طنجة إلا في عام 1095 هـ (1684 م)، وتحديدًا يوم 12 ربيع الأول، الذي يصادف ذكرى مولد النبي محمد صلى الله عليه وسلم. وهذا التزامن بين تحرير المدينة ومناسبة المولد النبوي عزز العلاقة الخاصة بين سكان طنجة وهاتين الذكريتين.
منذ تلك اللحظة، استمرت طنجة في الحفاظ على روحها الإسلامية وتعزيز علاقتها بالذكرى المباركة لمولد النبي محمد صلى الله عليه وسلم. إن هذه العلاقة تجسد حب أهل المدينة لرسول الله صلى الله عليه وسلم ومبادئ الإسلام، وتجمع بين التاريخ والدين في قلب طنجة الجميلة.