يبذل المغرب جهودا حثيثة لبسط نفوذه الديني في القارة السمراء، عبر هيكلة ومأسسة علاقته الروحية مع دول القارة الإفريقية، وذلك من خلال تكوين أئمة من دول إفريقيا جنوب الصحراء وبناء المساجد ودعم الجاليات والأقليات المسلمة. وفي دولة مالي على سبيل المثال، قدمت مؤسسة محمد السادس للعلماء الأفارقة خلال رمضان 1446 عددا من المساعدات الغذائية وقفف رمضان للمحتاجين والفقراء في العاصمة باماكو.
وتطرقت صحيفة «إل كونفيدينسيال» الإسبانية، إلى الدبلوماسية الدينية التي يقوم بها المغرب في إفريقيا، وأوضحت وسيلة الإعلام الإسبانية أن هذه الجهود تعكس رغبة المغرب في تعزيز الأمن الروحي للمسلمين في إفريقيا، ومواجهة الإيديولوجيات المتطرفة، وتقوية روابطه الدينية والروحية مع العديد من بلدان القارة، فضلا عن استضافته مؤسسة “محمد السادس للعلماء الأفارقة” وتأهيل الأئمة من دول إفريقية.
تلعب المساجد دورا حيويا في تواصل المغرب الروحي مع بلدان إفريقيا جنوب الصحراء، ففي العاصمة الإفوارية السابقة أبيدجان، بنت المملكة المغربية مسجدا ضخما أطلق عليه إسم “محمد السادس”. وتبلغ مساحة المسجد 25 ألف متر مربع، ويتسع لنحو 7 آلاف مصلٍ، في هذه الدولة الواقعة في غرب أفريقيا، والتي يعتنق حوالي 42% من إجمالي عدد السكان البالغ 29 مليون نسمة دين الإسلام.
في نهاية نوفمبر من سنة 2024، صادف مرور 60 عامًا على افتتاح المسجد الكبير في داكار. مبنى افتتح في منتصف عام 1964 ويمثل هدية من الملك الراحل الحسن الثاني إلى الرئيس السنغالي السابق المتوفى أيضًا، ليوبولد سيدار سنغور. وفي الطرف الآخر من القارة، في تنزانيا، تم بناء مسجد آخر باسم محمد السادس في دار السلام، وفي منتصف الطريق هناك، في غينيا كوناكري، يتكرر التاريخ نفسه.
الصحيفة الإسبانية «إل كونفيدينسيال»، أبرزت أيضا دور الملك محمد السادس، بصفته أميرا للمؤمنين، في هذه الدينامية، مشيرة إلى أن الملك قام بزيارات عديدة إلى إفريقيا منذ سنة 2014، وأن زيارات جلالته إلى القارة السمراء تميزت غالبا بترميم أو بناء مساجد وتوزيع آلاف النسخ من القرآن الكريم، التي طبعتها مؤسسة محمد السادس لنشر المصحف الشريف.
وقبل سنوات أطلق المغرب “مؤسسة محمد السادس للعلماء الأفارقة” التي تضم 150 عضوا بينهم 17 امرأة. وتهدف المؤسسة إلى “صيانة الثوابت العقدية والمذهبية والروحية المشتركة بين المغرب وبلدان إفريقيا، وبيان وإشاعة الأحكام الشرعية الصحيحة، وإشاعة الفكر الإسلامي المعتدل”. وتنظم هذه المؤسسة لقاءات بالمغرب ودول إفريقية أخرى لبحث العديد من المسائل الدينية.