يواجه التجار الصغار، المعروفون بـ”بقال الحومة”، ضغوطاً متزايدة جراء انتشار سلاسل المتاجر الكبرى، ما يشكل تحدياً كبيراً لأصحاب البقالة التقليدية، الذين يعتمدون على علاقة مباشرة مع زبائنهم وعلى تقديم خدمات اجتماعية مثل “الكريدي”.
وتستفيد هذه السلاسل الكبرى مثل “بيم” التركية و”كارفور” الفرنسية و”كازيون” المصرية، من موارد مالية ضخمة واتفاقيات توريد واسعة النطاق، مما يتيح لها تقديم أسعار منخفضة وحوافز أخرى تجذب الزبائن، وهو ما يصعب على “مول الحانوت” تحقيقه.
وخلال جلسة للأسئلة الشفوية بمجلس المستشارين، الثلاثاء، أكد وزير الصناعة والتجارة، رياض مزور، بأن الحكومة تقدر الأدوار الحيوية التي يلعبها هؤلاء التجار، الذين يشكلون 80% من نقاط البيع في البلاد. مشيرا الى ان متوسط قيمة الدفع المؤجل التي ييحها هؤلاء التجار، تصل الى 840 درهم شهريا لفائدة كل زبون، علما ان 30 بلمائة من هذه السلفات هي عبارة على شكل سيولة موجهة لقضاء اغراض خاصة.
وأشار مززور، إلى أن الحكومة تعمل على تنفيذ 70% من التوصيات الرامية إلى دعم هذه الفئة من المهنيين، بما في ذلك تعميم الحماية الاجتماعية، وتقديم تسهيلات ضريبية، وإطلاق برامج لرقمنة القطاع، فضلاً عن تمويلات ميسرة بالتعاون مع بعض البنوك المحلية.
ورغم أن هذه المبادرات تساهم في تخفيف بعض التحديات، إلا أن بعض الخبراء يشككون في قدرتها على مواجهة التأثيرات الكبيرة للسلاسل الكبرى التي باتت تسيطر على سوق تجارة التجزئة في المناطق السكنية.
وعلى الجانب الآخر، يشعر التجار الصغار بوطأة المنافسة المتزايدة، ويرون أن التسهيلات المقدمة لا تزال محدودة في مواجهة قدرات المتاجر الكبرى.
ويشير محمد، صاحب بقالة صغيرة في احد احياء مدينة طنجة، إلى أن “الكريدي” هو من بين العوامل التي تجعل الزبائن يعتمدون عليه، إذ يتيح لهم تأجيل دفع المبالغ في حال عدم توفرهم على سيولة.
ويقول: “لا يمكن للمتاجر الكبرى تقديم هذه الخدمة، لكن المنافسة الشديدة تجعلنا في وضع لا نحسد عليه.”
وبحسب خبراء اقتصاديين، فإن الحل قد يكمن في إنشاء تكتلات مهنية تسمح للتجار الصغار بالتفاوض بشكل جماعي للحصول على السلع بأسعار تنافسية، مما يعزز فرصهم في البقاء ضمن سوق يشهد تغيرات جذرية.
ويفيد بعضهم بأن تطور التجارة الإلكترونية يشكل بدوره تحدياً إضافياً لهذه الفئة، حيث بات المستهلكون يفضلون الشراء عبر الإنترنت لتنوع العروض وسهولة التوصيل، ما يقلل من الإقبال على البقالة التقليدية.
وفي حين يرى محللون أن بقاء التجار الصغار يعتمد على قدرتهم على التحول ومواكبة هذه التحولات، يبقى التساؤل حول كيفية استمرار “مول الحانوت” في ظل توسع السلاسل الكبرى واتجاه المستهلكين نحو الخيارات الحديثة.