ما زال منظر الحفر والتشققات في شوارع طنجة وازقتها، شاهدًا على تدهور البنية التحتية، رغم مرور أكثر من ستة أشهر على إعلان إطلاق مشروع صيانة شوارع المدينة.
وبميزانية ضخمة تصل إلى 9 ملايين درهم، كان يُفترض أن تزداد الطرقات والأرصفة تحسنًا، لكن النتيجة حتى أكتوبر 2024 كانت صادمة: 45% فقط من الأشغال أنجزت، بينما تُواصل الحفر والطرقات المدمرة تهديد المركبات والمارة على حد سواء.
في حي بني مكادة، تتناثر الحفر كما لو كانت فخاخًا مزروعة على امتداد الطريق. يشهد السائقون على الارتفاع المستمر في أضرار سياراتهم نتيجة التصادم مع الحفر العميقة التي تنتشر في كل مكان.
بالنسبة للسيارات، التي تستهلك الكثير من المال لصيانتها، أصبح إصلاح الأعطال أمرًا روتينيًا بالنسبة للكثيرين.
ويقول أحد السائقين: “كل يوم أتعرض لأضرار جديدة. كنت أعتقد أن هذا المشروع سيحسن الأوضاع، لكن الواقع يقول عكس ذلك تمامًا”.
في شوارع أخرى، أصبح المشهد أكثر تعقيدًا. أرصفة متآكلة تزعج المارة، وتُجبرهم على السير وسط الطريق، مُعرّضين حياتهم للخطر في مواجهة السيارات التي تُجبر على تجنب الحفر الكبيرة.
وفي بعض الأحيان، يضطر الناس إلى المشي على بقايا الإسفلت المتناثر، كما لو كانوا يسرون على سطح غير مستوٍ.
وتقول إحدى السيدات اللواتي يمرن من هذه الشوارع: “لا أستطيع السير بحرية على الرصيف، فكلما حاولت تجنب الحفرة، وقعت في أخرى”.
وبينما يتواصل التأخير في تنفيذ الأشغال، يبقى المواطنون في حالة ترقب. الأضرار التي تلحق بالسيارات لا تُعد ولا تُحصى. بعضهم يطالب بتعويضات، بينما آخرون يتساءلون عن مصير الأموال المخصصة لهذا المشروع الضخم.
“لقد كان من المفترض أن يكون المشروع حلاً طويل الأمد لمشاكل المدينة، لكننا أصبحنا نعيش في نفس الفوضى التي كانت قبل انطلاق الأشغال”، يضيف أحد السكان.
وعلى الرغم من الوعود الكثيرة التي أُطلقت، يبدو أن هناك مشكلة حقيقية في عملية تنفيذ هذا المشروع.
وتكشف بعض الملاحظات أن المقاولات المعنية لا تلتزم بالمعايير والجدول الزمني المتفق عليه. فالبطء في الأشغال، وزيادة التكاليف، وغياب الشفافية، كلها عوامل أثرت بشكل كبير على جودة العمل.
كما أن التفاوت الكبير بين قيمة المشروع وبين نسبة الإنجاز يطرح العديد من الأسئلة حول قدرة الجهات المسؤولة على الإشراف الفعّال والمتابعة الجادة للمشروع.
وفي حديث عن وضعية المدينة، يضيف آخرون: “نعرف جميعًا أن طنجة مدينة كبيرة ومهمة، ويجب أن تكون طرقاتها في أفضل حال. ولكن، على ما يبدو، لا أحد يولي اهتمامًا حقيقيًا لتحسين الوضع هنا”.
ويتحدث البعض عن الحاجة إلى خطة شاملة لإصلاح البنية التحتية في المدينة، تشمل جميع المناطق دون استثناء، مع الاهتمام بأدق التفاصيل مثل الأرصفة والشوارع الفرعية التي أصبحت شبه مهجورة في العديد من الأحياء.
ويُعتبر هذا المشروع فرصة ذهبية لتغيير واقع الطرقات في المدينة، لكن ببطء التنفيذ وغياب الاهتمام الحقيقي، يبدو أن النتائج ستكون بعيدة المنال.
وبينما يستمر المواطنون في معاناتهم اليومية من أضرار السيارات والتأخير المستمر، تتصاعد مطالبهم بمحاسبة المسؤولين عن التأخير وتحقيق التعويضات المناسبة عن الأضرار التي تلحق بممتلكاتهم.
ومع تباطؤ الأشغال، يظل الحلم بشوارع سليمة وأرصفة آمنة بعيد المنال، ويبقى الأمل في أن تتحقق الوعود التي أُطلقت في الأيام الأولى للمشروع، ولكن السؤال الذي يطرحه الجميع: متى؟