بتسجيلها 6916 مقيما أجنبيًا، وفقًا لنتائج الإحصاء العام للسكان والسكنى لعام 2024، تواصل مدينة طنجة استعادة بعض من طابعها التاريخي الذي طالما امتاز بالتنوع الثقافي والحضاري.
وطالما شكل موقع المدينة الاستراتيجي عند ملتقى البحر الأبيض المتوسط والمحيط الأطلسي، عامل جذب للتفاعل الحضاري الذي دام لقرون، ليجعل من طنجة نقطة تلاقٍ للحضارات والثقافات المختلفة.
فبين عامي 1921 و 1956، عاشت طنجة فترة العهد الدولي، حيث أصبحت مدينة مفتوحة تحت إشراف دولي، يديرها تحالف من القوى الكبرى، من بينها بريطانيا وفرنسا وإسبانيا.
وساهم هذا الوضع الفريد في جعل طنجة مركزًا للتنوع الثقافي، حيث استقبلت المدينة آلاف الأجانب من جنسيات مختلفة، بلغ عددهم في بعض الأوقات نحو 30,000 إلى 40,000 شخص، أي ما يعادل تقريبًا ثلثي سكان المدينة آنذاك.
وكان لهذا التعدد الثقافي دور كبير في تشكيل هوية طنجة كمدينة منفتحة، حيث انصهرت فيها الثقافات الغربية والعربية على حد سواء.
وأسس الأجانب في تلك الفترة مجتمعًا مزدهرًا، تضمن تجارًا وصحافيين ودبلوماسيين ومستثمرين، ليخلقوا بيئة نابضة بالحياة، مليئة بالتفاعل الثقافي والحوار المتبادل.
كما ازدهرت الأنشطة التجارية في طنجة، لتصبح مركزًا اقتصاديًا حيويًا يجذب الأجانب الباحثين عن فرص العيش والاستثمار.
ومع حصول المغرب على استقلاله عام 1956، وانتهاء العهد الدولي، طرأت تغييرات جوهرية على طنجة؛ إذ أُدمجت بالكامل ضمن الدولة المغربية وأعيد تنظيم إدارتها.
رغم فقدانها جزءًا من طابعها الدولي، إلا أن المدينة استمرت في استقطاب الأجانب بفضل موقعها ومكانتها الاقتصادية، حيث أصبحت مقصدًا لكل من المستثمرين والسياح.
واليوم، مع وجود 6916 أجنبيًا مقيمًا، تظل طنجة محتفظة بجاذبيتها كمدينة عالمية منفتحة على الثقافات المتنوعة. البيئة المتسامحة التي تميز طنجة تجعلها مقصدًا للأجانب الراغبين في الاستقرار فيها، مما يعزز من دورها كمركز لتلاقح الثقافات.
ويضيف هذا التفاعل المستمر مع الثقافات المتعددة لطنجة بعدًا فريدًا كمدينة تحتفظ بإرثها الغني وتظل منفتحة على العالم، في صورة تعكس عراقتها وتاريخها الحافل.