كنا نتساءل في اليوم الموالي، وقيل لي ما الذي يمكن أن أريده، فأجبت بأنني أرغب في بعض الحلوى، فصعدنا إلى دكان حيث كان رجل يجلس في بابه ويبيع بعضها، لكن آه، الذباب ! الحلوى مغطى بالذباب وصاحب الدكان يبعدهم بمكنسة خيزران طوال الوقت. أعتقد أنني أعطيتهم جميعا لبعض الاطفال الذين كانوا في الجوار.
الدكاكين هي من الاشياء المضحكة التي يمكن أن تراها في حياتك هنا، إنها تبدو كمجرد ثقوب في الحائط بمظلة في الاعلى، ومنضدة مرتفعة عن الارض، وصاحب الدكان يجلس مربع الارجل عليها، والمشترون يقفون في الشارع.
لمتابعة جميع حلقات السلسلة: إضغط هنا
في بعض هذه الدكاكين يبيعون الاحذية الجلدية الصفراء بدون كعب يلبسها الرجال، والحمراء للنساء، وكل الاشياء المتنوعة التي لا يمكن أن نفكر في شرائها. يجب أن نقوم بتسوقنا من الدكاكين الاسبانية [1].
أينما ذهبت إلا وبكل تأكيد أن أرى يدا مرسومة على الحائط[2] ، التي تحفظ من “عين الشر”، وبعض الطلاسيم مصنوعة في قالب يد تلبس على الاعناق. أنا أحمل واحدة صغيرة سأعود بها إلى الوطن.
لا أتذكر إن كنت قد قلت لك بأن أسطح المنازل هنا منخفضة، حسنا لقد صعدنا إلى سطحنا ذات صباح فتمشينا على أسطح باقي المنازل الاخرى، وبالطبع أضاعنا طريقنا بسرعة، إذ وجدنا أنفسنا ننزل أدراج منزل خاطئ. !
وفي الحال ظهرت بعض النساء اليهوديات وكن مبتهجات بهفوتنا، فقمن بمساعدتنا لإيجاد سطح منزلنا، والذي يقع مباشرة قبالة المسجد الجميل [3]بقراميده الخضراء والحمراء.
توجد هنا نخلة نمت بالقرب من أحد الحيطان، وهي من النخيل القلائل داخل أسوار طنجة. وخارج الاسوار يوجد عدد منها بالطبع، إضافة إلى نبات الصبار الشوكي الذي يصل طوله ثلاثة أضعاف طول رجل واحد.
النساء اليهوديات لسن كثيرات الخجل مثل المغربيات المسلمات، وهن ظريفات مع الأجانب. أحد الأسر اليهودية عرضت علينا الحضور إلى بيتها خلال عيد الفصح [4]، كان أفرادها يلبسون ألبسة واسعة، ويأكلون الفطير غير المختمر، الذي شكله غليظ وخشن وبه ثقوب من أجل تعليقه على الحائط. هو كبير من فطير عيد الفصح الانجليزي الذي كنت قد رأيته في الوطن.
” أفعى، أفعى” هذا كل ما سمعته فجريت وأنا أدهس الاعشاب الصغيرة وكدت أن أسقط فوقها عندما كانت تتجمع لتدخل في حفرة. عندما استردت أنفاسي ركضت عائدة فوجدت أنها ضربت في عنقها ورأسها كان مطروحا على الأرض وفمها كان يفتح ويغلق كأنها لازالت على قيد الحياة. لقد كانت تبلع أرنبا حيا عندما رأها مانويل أول مرة، وإنه لمن العجب أنني لم أدهسها.
لا أخشى الافاعي الصغيرة، فساحر الافاعي الذي يأتي إلى البيت يسمح لي بحمل واحدة، وهي تلتف حول ذراعي. وبالتأكيد أنها خالية من السم.
تمنيت لو كانت الحيوانات البرية هنا، لكن أعتقد أنه توجد فقط الثعالب، أستطيع سماع نباحها خلال الليل. ظننت في لحظة أنني رأيت أسدا قرب القصر القديم عندما سمعت صوتا صاخبا قادما من خلف بعض الاشجار، لكن لم يكن سوى طفل صغير فضولي أراد أن يرى ردة فعلي.
يتبع…
………..
1 – كانت الجالية الاسبانية حاضرة بقوة في طنجة، خاصة بعد مؤتمر الجزيرة الخضراء سنة 1905.
2 – التي تعرف عند المغاربة بـ”خميسة” التي يُعتقد أنها تحفظ من عين الحساد.
3 – الجامع الكبير.
4 – عيد يهودي يحتفل به مدة اسبوع ابتداء من 15 أبريل، احياء لخروج بني اسرائيل من مصر.