من أجل سياسة فلاحية تحقق الاكتفاء الذاتي غذائيا
إعلان على اليمين 160×600
إعلان على اليسار 160×600



الإشهار 2

من أجل سياسة فلاحية تحقق الاكتفاء الذاتي غذائيا

إشهار مابين الصورة والمحتوى

بقلم: عمر إسري*

أظن أن التركيز على حدبة البقرة البرازيلية، ووضعها فوق خشبة “الكوميديا” بطعم التراجيديا، تحوير لنقاش حقيقي… فالبرازيليون الذين يتناولون لحومها، بصحة جيدة، رياضيون، و وضعهم الصحي ليس أقل من أوضاعنا… ربما تعوَّد جهازنا الهضمي على لحوم معينة، و ربما بنينا تمثلات محددة على إيقاع أكلات وطنية عريقة تجعل من كل جديد منبوذا، وعلى شكل أبقارنا و أغنامنا، وهذه مسألة مشروعة، وكل ذلك يناقش في سياقه…

أما النقاش الأساسي بالنسبة لي، فهو كيف وضعنا سلتنا الغذائية فوق أمواج النيوليبرالية المتقلبة، بمنطق غزو الأسواق وجلب العملة الصعبة، على حساب توجيه فلاحتنا لتحقيق الأمن الغذائي الوطني أولا… كيف وصلنا أصلا إلى وضع نحتاج فيه إلى استيراد بقرة قد تجعل الكثير من مواطنينا “يعيفون (بالدارجة)” اللحم البقري من الأساس، و قد يقاطعونه كناية في بقرة لم يعجبهم شكلها؟!

يجب أن نقر أن السياسة المتبعة في المجال الفلاحي فشلت في إطعام جميع المغاربة بما يتماشى مع قدراتهم الشرائية، مع حاجياتهم الأساسية أولا قبل حاجيات البذخ، بدل جعل الأسواق الغربية توجه أولوياتنا الزراعية وتتحكم في إنتاجنا الفلاحي… جميل أن نصدر، لكن بعد ملئ قفة مواطنينا…

يجب فتح نقاش عمومي حقيقي حول السبيل للعودة إلى منطق أولوية ضمان وتوفير السلة الغذائية الأساسية للشريحة الأكبر من المغاربة، طبقا لحاجياتهم الأساسية: ما يكفي لصنع الخبز للجميع، السكر للجميع (مع التوعية بمخاطره)، الزيت و الخضر والفواكه الأساسية واللحوم للجميع… بما يتماشى مع خصوصياتنا المناخية وتقلباتها، مع الانخراط في تطويع هذه التقلبات بسن سياسات مائية أنجع.

الأمر يتطلب فتح نقاش عمومي مسؤول وحكيم حول سبل تطوير فلاحتنا، دون الانحياز عن أولوية الإكتفاء الغذائي أولا، وبعده نغزو ما نشاء من الأسواق بشرط الحفاظ على فرشتنا المائية، قبل الانتقال السلس إلى تحلية مياه البحر لصد مخاطر التشنجات الجوية!

رهان الرفع من نسبة النمو يجب أن يُربط بالأساس بالتوجه نحو صناعة وطنية قوية، بتنافسية عالية و توفر مناصب الشغل، وقبل ذلك، بتعليم جيد يتماشى مع متطلبات سوق الشغل، وبتكوين مهني يتطور على إيقاع “العالمية”… بعدالة اجتماعية ومجالية، بزرع قيم الانضباط والالتزام وحب العمل والأمانة والنزاهة لاجتثات مظاهر الفساد والريع و الاتكالية و كل ما يفرمل تقدمنا… أما فلاحتنا فرهانها الأول يجب أن يبقى مرتبطا بسلتنا، أن لا تُمسَّ بسوء، ألا يتحول نقاشنا من الخوض في سبل تحقيق نهضة وطنية شاملة، إلى نقاش “إطعام الجائع”…

نقاش يمكن أن نفتحه بدون تشنج، خارج منطق التنابز بالتبريرات و الإسهاب في تحميل المسؤوليات، ما وقع قد وقع، والمفيد يكمن أساسا في المضي قدما نحو إصلاح ما يمكن إصلاحه!

*إعلامي وفاعل جمعوي


الإشهار بعد النص
شاهد أيضا
عداد الزوار