مع أولى نسمات مساء الأحد، عادت رياح الشرقي لتفرض إيقاعها الطبيعي على أجواء طنجة، كما اعتاد عليه سكان المدينة خلال فصلي الربيع والصيف.
عبر الأزقة المكشوفة والشوارع المفتوحة على البحر، تسللت نسمات جافة مرفوقة برياح نشطة خففت حرارة النهار، وأضفت على المساء طابعا مألوفا من البرودة الخفيفة، رغم أن نشاط الرياح هذه المرة بدا لافتا مقارنة ببدايات الموسم.
وفي الأحياء الداخلية مثل بني مكادة والسواني، كانت الرياح تندفع بين البنايات، حاملة معها قشعريرة خفيفة، لكنها لم تخرج عن النمط المعتاد للمدينة.
ويقول أمين، شاب في الثلاثينات من عمره، كان ينتظر سيارة أجرة قرب السوق المركزي بساحة 9 ابريل، “فهاد الوقت من العام، مولفين أن النهار يسخن والعشية كايرجع البرد شوية، ولكن مع هاد الشرقي زاد الإحساس بالبرودة والنشاط ديال الرياح خلا الجو أقوى من المعتاد”.
مع انبلاج صباح الاثنين، بدت طنجة تحت سماء صافية يغمرها ضوء شمس ربيعية لطيفة، غير أن رياح الشرقي ظلت تفرض حضورها، دافعة بالإحساس الحراري إلى مستويات أعلى مما تُظهره المؤشرات الرسمية.
رغم أن درجات الحرارة سجلت مستويات معتدلة بين 20 و21 درجة مئوية، إلا أن الإحساس العام وسط الساكنة كان يميل إلى الدفء، بفعل نشاط الرياح الشرقية الجافة التي خففت الرطوبة ورفعت الإحساس الحراري مقارنة بالمعدلات العادية لهذا الفصل
على طول شارع محمد الخامس وفي محيط ساحة الأمم، واصلت المدينة إيقاعها المعتاد، وإن بخطى أقل حيوية.
وفي المقاهي المطلة على البحر، آثر كثير من الزبناء الجلوس داخل القاعات، اتقاءً لهبات الشرقي الجافة.
وحسب التحديثات الجوية، فإن مضيق جبل طارق يخضع لرياح ليفانتي قوية، وهو الاسم الذي تطلقه وكالة الارصاد الاسبانية على هذه الظاهرة الجوية، تصل سرعتها إلى 90 كلم/ساعة في عرض البحر، مع تأثير محدود على المجال الحضري، حيث ظلت الحياة الطبيعية سائرة دون اضطرابات تذكر، باستثناء بعض الصعوبات البسيطة في التنقل بسبب شدة بعض الهبات.
في شهادات متفرقة استقتها “طنجة 24″، عبر العديد من سكان المدينة عن تأقلمهم العادي مع هذه الوضعية، معتبرين أن الشرقي “ضيف ربيعي مألوف”، يفرض فقط بعض التحفظ في التنقلات خلال فترات ذروته.
“الشرقي ديما حاضر فطنجة، كيدوز النهار سخون والعشية كايدخل البرد ديالو”، تعلق سمية، طالبة جامعية، معتبرة أن ما يميز هذه الأيام هو فقط قوة الرياح مقارنة ببدايات ربيع آخر.
مع بقاء هذه الوضعية مستمرة إلى غاية مساء الثلاثاء، حسب توقعات الأرصاد، تواصل طنجة التعايش مع الشرقي، بين حرارة خفيفة نهارا، وبرودة نشطة مساء، في صورة مألوفة لمدينة تعيش على إيقاع رياحها الموسمية، وتنسج علاقتها اليومية مع تقلبات الطقس بروح صلبة ومرنة في آن واحد.