وسط المناظر الجبلية الشاسعة في اقليم وزان، تترنح أشجار الزيتون التي لطالما غطت سفوح جبال جماعة فيفي، منحنية بفعل الجفاف الذي لم يترك لها سوى بقايا حياة.
في هذه المنطقة التي اشتهرت يوماً بمزارعها الخضراء وإنتاجها الوفير من الزيتون، باتت الأشجار تعاني من العطش، وأغصانها الجافة تتكسر تحت وطأة قلة الأمطار وارتفاع درجات الحرارة غير المسبوق.
في أحد الحقول الواقعة بجماعة فيفي، يراقب الحاج علي، مزارع في الستينيات من عمره، بعينين مليئتين بالحزن محصوله المتدهور.
يقول بصوت مليء بالحسرة: “هذه السنة هي الأسوأ التي رأيتها في حياتي. الأشجار التي اعتدنا أن نحصد منها آلاف الكيلوغرامات من الزيتون، لم تعد تعطينا سوى بضع ثمار صغيرة متجعدة.”
كانت جماعة فيفي، الواقعة ضمن النفوذ الترابي لإقليم وزان، ذات يوم إحدى أكثر المناطق إنتاجاً لزيت الزيتون في شمال المغرب. حقول الزيتون التي لطالما ازدانت بأشجار مثمرة، باتت اليوم تشكو من ندرة المياه.
تضرر أشجار الزيتون لا يقتصر على تراجع الإنتاج فقط، بل يبدو ظاهراً على فروعها المتكسرة وأوراقها التي ذبلت بشكل مأساوي.
“الجفاف ضربنا بشكل لا يرحم”، يقول الحاج عبد الكريم، وهو يقف بجوار شجرة زيتون قديمة، جذورها غائرة في التربة القاحلة، لكنها لم تعد تقوى على امتصاص الماء من الأرض.
المزارعون المحليون يتحدثون بحسرة عن الأيام التي كانت فيها اراضيهم واشجارهم تزدهر بمحصول زيتون وفير. “عام 2015 كان آخر موسم جيد لنا”، يتذكر الحاج علي، وعيناه تتجولان على الحقول المجاورة. “كان الزيت يتدفق كالنهر، لكن الآن، أصبحت الأشجار عطشى.”
في القرى المتناثرة حول جماعة فيفي، حيث يعتمد الكثيرون على زراعة الزيتون كوسيلة أساسية للعيش، يبدو القلق متصاعداً.
الجفاف لم يقتصر أثره على المحصول فحسب، بل طال أيضاً حياة مئات الأسر. “كل يوم نتوقع الأسوأ”، يقول الحاج علي، مشيراً إلى أن قلة الإنتاج هذا العام ستؤدي حتماً إلى ارتفاع الأسعار في الأسواق، مما سيجعل الحياة أصعب على الجميع، ليس فقط المزارعين، بل أيضاً المستهلكين الذين يعتمدون على زيت الزيتون كجزء أساسي من غذائهم.
مع اقتراب موسم الحصاد، الذي كان في السابق مناسبة للاحتفال والعمل الجماعي، أصبح الخوف هو السائد. في حين أن المشاهد الطبيعية المهيبة لجماعة فيفي لا تزال قائمة، إلا أن حياة المزارعين هنا أصبحت رهينة بتقلبات الطقس، حيث يترقب الجميع موسم حصاد قد يكون الأسوأ على الإطلاق.