“لم أستطع إخفاء دموعي، أحسست بالعجز وتمنيت لو انشقت الأرض وابتلعتني”.. بهذه العبارات الصادمة عبر المصطفى عن شعوره، بعد أن تعذر عليه شراء ملابس جديدة لأطفاله بمناسبة عيد الفطر، نظرا لغلاء الأسعار من جهة وتوقفه عن العمل بشكل مؤقت بسبب الإجراءات المرتبطة بالحد من انتشار فيروس كورونا المستجد بالمغرب، من جهة أخرى.
وتعيش أسواق مدينة طنجة، خلال العشر الأواخر من شهر رمضان، حالة من الرواج التجاري بسبب إقبال المواطنين على اقتناء ملابس العيد سواء لهم أو لأبنائهم، وذلك في إطار العادات والتقاليد التي تستوجب إدخال الفرحة في نفوس هؤلاء والاستمتاع بهذه الأيام المباركة، بعد مرور شهر من الصيام والعبادة.
إلا أن هذه العادات والتقاليد، ساهمت في إخراج أسوء ما في بعض التجار، من جشع وأنانية، حيث يقوم عدد منهم باستغلال هذه المناسبة من أجل رفع الأسعار وتحقيق مكاسب كبيرة على حساب الأسر المعوزة، المنهكة بسبب التداعيات الإقتصادية لفيروس كورونا المستجد، والتي لا تريد شيئا سوى ادخال الفرحة والسرور على نفوس أبنائها.
وبهذا الصدد، عبر المصطفى وهو نادل بأحد المقاهي الشعبية بمدينة طنجة، أن ظروف الجائحة تسببت في توقف عمله بشكل مؤقت خلال شهر رمضان، إلا أن رغبته في إعادة البسمة لوجوه أطفاله، دفعته الى استخدام بعض من المال الذي كان قد وفره طيلة سنوات عمله، من أجل شراء ملابس جديدة لهم، وبالفعل توجه رفقتهم الى أحد الأسواق الكبرى بالمدينة، حيث صدم من هول المفاجئة.
لم يكن يتوقع المصطفى أن السوق الذي كان يمني النفس ان يخلق سعادة وفرحة لدى أطفاله، هو نفسه سيتحول الى مصدر تعاسة له، حيث صدم هذا الأخير من الأسعار التي يطالب بها التجار والباعة مقابل ملابس بسيطة من صنع محلي، لم يكن ثمنها يتجاوز في الأيام العادية عشرات الدراهم أو المائة على أبعد تقدير.
المصطفى ليس وحده من اشتكى من هذا الغلاء، فقد عبر عدد من رواد مواقع التواصل الإجتماعي في تدوينات متفرقة عن غضبهم الشديد من هذا الجشع، مؤكدين أن مرتادي هذه الأسواق أغلبهم من الطبقة الفقيرة أو المتوسطة، وهم بدورهم أنهكوا خلال الأشهر المنصرمة من أجل توفير دخل قار لهم ولأسرهم، في ظل الأوضاع الإقتصادية الحالية والإغلاق المستمر، لذا من العيب أن يتم إستغلالهم بهذه الطريقة المهينة.
من جهته أوضح محمد، بائع ملابس جاهزة، أن عددا من الباعة يعمدون الى زيادة ثمن بضاعتهم في هذه الفترة من أجل تحقيق مكاسب تعوضهم فترات الكساد التي يمرون بها طيلة السنة، مضيفا أن الأمر يقتصر على فئة معينة ولا يمكن تعميمه على كافة التجار.
ولم يخفي محمد، أن إغلاق الحدود أثر على تدفق السلع التي أصبحت قليلة نوعا ما، الأمر الذي أدى الى ارتفاع ثمنها، إلا أن ذلك تم تداركه من خلال توفير ملابس من صنع محلي، من المفترض أن تكون رخيصة الثمن، لكنها هي الأخرى لم تسلم من جشع بعض الباعة.
وفي ظل الغموض الذي يلف مصير احتفالات العيد لهذه السنة، وتداول أخبار عن إلغائها للعام الثاني على التوالي بسبب تداعيات انتشار فيروس كورونا وظهور سلالات متحورة جديدة، يأمل الأباء في جعل كسوة العيد سبيلا لإدخال فرحة ولو قليلة لنفوس أبنائهم، وإعادة إحياء الأجواء التي افتقدناها منذ بداية الجائحة.