في صباح يوم بارد بمدينة طنجة، وجد المهنيون أنفسهم أمام مشهد غير مألوف: أبواب مكتب التصديق على الوثائق، الذي كان يُعدّ من أبرز الخدمات التي يعتمد عليها المقاولون والتجار مغلقة دون سابق إنذار.
هذا القرار، الذي فُرض بجرّة قلم من عبد اللطيف أفيلال، رئيس غرفة التجارة والصناعة والخدمات لجهة طنجة تطوان الحسيمة، لم يكن إلا حلقة جديدة في سلسلة من القرارات المثيرة للجدل التي طبع تسييره للمؤسسة منذ وصوله إلى الرئاسة في 2021.
أفيلال الذي وصل إلى منصب رئيس الغرفة بفضل دعم قوي من حزب الاستقلال، لم يكن يوما شخصية تحظى بإجماع المهنيين.
وعلى الرغم من الدعم الحزبي الواسع، فإن تسييره للمؤسسة لم يكن سوى سلسلة من القرارات الانفرادية التي جعلت المهنيين يصفونه بـ “العقاب” أكثر من كونه شخصية قيادية تُحسن تمثيل مصالحهم.
فمنذ توليه المنصب، تدهور أداء الغرفة بشكل ملحوظ، وأصبحت أكثر مؤسسة تعاني من فراغ في الرؤية التنموية.
قرارات أفيلال، التي تَشُوبُها الارتجالية وعدم التشاور مع الفاعلين الاقتصاديين، غذّت مشاعر الاستياء في صفوف المقاولين والتجار الذين بدأوا يرون في رئاسته عبئًا ثقيلًا، لا يقدم أي قيمة إضافية لهم. إغلاق مكتب المصادقة على الوثائق، دون تقديم بدائل أو توضيحات، كان بمثابة القطرة التي أفاضت الكأس.
لكن القرار الذي كان يبدو بسيطًا، سرعان ما تحوّل إلى نقطة تصعيد في العلاقة بين أفيلال والمهنيين، حيث أعرب الكثير منهم عن غضبهم العارم.
ولم يكن التفسير لهذا القرار واضحًا، ما ترك المجال لتأويلات مختلفة، وتحوّلت الغرفة من مؤسسة خدمة إلى مصدر قلق دائم للفاعلين الاقتصاديين في الجهة. إذ بدأت التساؤلات حول جدوى الغرفة تحت رئاسة أفيلال تتصاعد، مع غياب أي إشارات ملموسة تُعطي الأمل في تغيير المسار.
وداخل أروقة الغرفة، ازدادت الانتقادات لما يُسمّى بـ “التسيير الانفرادي” لأفيلال. الغرفة التي كانت في السابق مكانًا يلتقي فيه التجار والصناع وأرباب الخدمات لمناقشة قضاياهم هم اليوم يعتبرونها مجرد مؤسسة معطلة لا تملك رؤية واضحة، خاصة بعدما باتت الصراعات الداخلية فيها أكثر وضوحًا من أي وقت مضى، مع تغييبه المستمر للمشاركة والتشاور.
ورغم تصاعد الأصوات المعارضة، لا يظهر أفيلال أي رغبة في التراجع أو مراجعة أسلوبه في التسيير. فالرجل الذي يُعرف أكثر بحضوره الحزبي خلف الكواليس يبدو غارقًا في صراعات سياسية، بعيدة عن الأولويات الاقتصادية التي من المفترض أن تهم الغرفة. وحتى الاجتماعات الوطنية التي يشارك فيها مع مسؤولين حكوميين لم تُترجم إلى نتائج حقيقية في صالح المهنيين في الجهة.
اليوم، وبعد مرور أكثر من ثلاث سنوات على توليه رئاسة غرفة التجارة والصناعة والخدمات، تزداد الأسئلة حول قدرته على تقديم حلول حقيقية لمشاكل المهنيين في شمال المغرب. هل أفيلال ما زال قادرًا على تسيير الغرفة بشكل فعال؟ هل يدرك فعلاً حجم الاستياء الذي خلفته قراراته على مستوى المقاولين والتجار؟ الواقع يشير إلى أن المهنيين في طنجة وتطوان والحسيمة، الذين تضرروا من أسلوب تسييره، باتوا يعتقدون أن رئاسته لم تكن سوى تجربة فاشلة أسهمت في تعقيد الأوضاع الاقتصادية بدلاً من تحسينها