على امتداد شوارع طنجة التي لا تهدأ، يتنقل عمال التوصيل بسرعة مذهلة بين زحمة السيارات وأزقة الأحياء لتوصيل طلباتهم الى الزبناء.
أصوات محركات الدراجات النارية تملأ الأرجاء، بينما تُحكم الصناديق المربوطة خلفهم على وجبات ساخنة وسلال تسوق طازجة. كل ثانية تُحسب بدقة، فالزبون ينتظر، وأي تأخير قد يعني فقدان فرصة العمل المقبلة.
في حي بوخالف، يبدأ ياسين يومه مبكراً. مع خوذته المتهالكة وهاتفه المحمول المليء بإشعارات الطلبات، يتنقل بين المطاعم والمساحات التجارية.
“أعمل أكثر من 10 ساعات يومياً. السرعة هي مفتاح كل شيء، لكنّها أيضاً مصدر الخطر”، يقول الشاب البالغ من العمر 23 عاماً.
المخاطر لا تفارق طريقه. عند ملتقى شارع الجيش الملكي، يشير ياسين إلى المكان الذي تعرض فيه صديقه مصطفى لحادث مروري أثناء توصيل طلبية. “كان يعمل بدون أي تغطية صحية. الآن، بالكاد يستطيع تغطية تكاليف علاجه بمساعدة الأصدقاء”، يضيف.
في طنجة، كما في مدن مغربية أخرى، يواجه عمال التوصيل معضلة كبرى: غياب الإطار القانوني الذي يحميهم.
العاملون مع شركات كبرى يتمتعون بمزايا محدودة، تشمل التأمين الصحي وتغطية الحوادث، لكن الأغلبية الساحقة تعمل في القطاع غير المهيكل، دون أي حماية اجتماعية تُذكر. “لا أحد يسأل عن ظروفنا، المهم أن تصل الطلبية في وقتها”، يقول عبد الحق، وهو عامل توصيل مستقل.
الطلب المتزايد على خدمات التوصيل، خاصة بعد الجائحة، رفع من وتيرة العمل، لكنه لم يغير من واقع هؤلاء العمال. فعلى الرغم من المخاطر اليومية، لا يزال الكثيرون مضطرين لقبول هذه الظروف لضمان دخل يومي.
في ظل هذه الفجوة، بات توفير تغطية تأمينية وإدماج عمال التوصيل المستقلين في منظومة الضمان الاجتماعي ضرورة ملحة.
فمدينة طنجة التي تُعرف بحركيتها وسرعتها، تعكس واقعاً مُرهقاً لعمال توصيل يقفون يومياً على حافة الخطر.