يحتفل المغرب يوم الاثنين بالذكرى التاسعة والستين لعيد الاستقلال، محطة تاريخية بارزة تخلّد نهاية الحماية الفرنسية وبداية عهد جديد من الحرية والسيادة الوطنية.
ويعكس هذا الحدث، الذي لا يزال محفوراً في الذاكرة الجماعية للمغاربة، أسمى معاني التضحية والتلاحم بين الملك محمد الخامس والشعب المغربي في معركة استعادة الكرامة الوطنية.
ملحمة الكفاح ضد الاستعمار
امتدت معركة التحرير المغربية على مدى عقود، منذ فرض الحماية الفرنسية عام 1912، حيث واجه المغاربة أشكالاً متعددة من الهيمنة الاستعمارية، التي لم تقتصر على السيطرة السياسية بل حاولت طمس الهوية الثقافية والدينية.
وعلى الرغم من محاولات المستعمر لإخماد روح المقاومة، إلا أن هذه الأخيرة كانت تتجدد عبر انتفاضات ومعارك بطولية، من أبرزها معركة أنوال عام 1921 بقيادة محمد بن عبد الكريم الخطابي، التي شكلت درساً تاريخياً للمستعمر.
مع تصاعد النضال، انتقلت الحركة الوطنية في الثلاثينيات إلى مرحلة جديدة من خلال العمل السياسي وتنظيم صفوف الشعب. وبالتزامن، واصل المغاربة توجيه رسائل واضحة عبر محافل دولية تطالب بالحرية وإنهاء الاستعمار.
لكن نفي الملك محمد الخامس وعائلته عام 1953 إلى كورسيكا ومدغشقر شكّل الشرارة التي أطلقت “ثورة الملك والشعب”، إذ عبّر المغاربة في جميع ربوع البلاد عن رفضهم لهذا القرار وأصروا على تحرير وطنهم وعودة رمز السيادة الوطنية.
العودة التاريخية وبداية عهد جديد
في 18 نوفمبر 1955، عاد الملك محمد الخامس إلى أرض الوطن معلناً عن نهاية الحماية الفرنسية واستعادة استقلال المغرب. هذا الحدث لم يكن مجرد نهاية لفصل من الاحتلال، بل كان بداية عهد جديد رسم معالمه الملك من خلال مقولته الشهيرة: “خرجنا من الجهاد الأصغر إلى الجهاد الأكبر”.
شكل الاستقلال لحظة حاسمة، فتحت الأبواب أمام جهود إعادة بناء الدولة وترسيخ سيادتها. وأطلق الملك الراحل برامج إصلاح شملت التعليم، الإدارة، والبنية التحتية بهدف بناء مغرب حديث يليق بتضحيات أجياله السابقة.
استكمال الوحدة الترابية
بعد الاستقلال، استمرت الجهود لتحقيق الوحدة الترابية، حيث استرجعت المملكة مدينة سيدي إفني عام 1969.
وفي عام 1975، قاد الملك الحسن الثاني المسيرة الخضراء، التي شكّلت رمزاً سلمياً لاستعادة الأقاليم الجنوبية. هذه الجهود عززت مكانة المغرب الإقليمية ورسّخت دوره كدولة مدافعة عن سيادتها.
اليوم، تحت قيادة الملك محمد السادس، يستمر المغرب في تعزيز مكتسبات الاستقلال من خلال مشاريع تنموية كبرى تستهدف تحقيق تنمية شاملة ومستدامة.
ورغم التحديات الاقتصادية والاجتماعية، يشهد المغرب تحولاً ملحوظاً في مجالات البنية التحتية، التعليم، والصناعة، مع تركيز خاص على الدفاع عن الوحدة الترابية وتعزيز مكانته كشريك استراتيجي على الصعيدين الإقليمي والدولي.