حتى في أحلك ليالي الشتاء، حين تنخفض درجات الحرارة ويتسرب البرد إلى كل زاوية، تظل طنجة مدينة نابضة بالحياة.
كورنيش المدينة، الذي يمتد على طول 12 كيلومترًا بمحاذاة خليج المدينة، من الميناء الترفيهي (المارينا) إلى منطقة مالاباطا، يشهد حركة دؤوبة لا تنقطع، حيث تتجول السيارات ويجتمع الناس رغم البرودة القارسة.
في ليلة السبت – الأحد، امتلأت الشوارع المحاذية للكورنيش بالسيارات المارة، بينما كانت الأضواء تنعكس على الإسفلت، تخلق مشهدًا متحركًا بين ضوء وظل.
الممشى كان يعج بالمارة، بعضهم يتمشى بهدوء، وآخرون يجلسون على المقاعد للاستمتاع بالمشهد.
هدى، شابة في العشرينات، كانت تسير مع صديقاتها وتحدثت عن حبها للكورنيش، قائلة: “حتى لو كانت الليالي باردة، نحن نأتي لنستمتع بجو طنجة الرائع. المشي هنا يبعث فينا النشاط، خاصة مع رائحة البحر التي نحبها.”.
الأجواء في طنجة كانت حية؛ الأسر تمشي على الممشى العريض، وأحاديثهم تتردد بين نسمات الهواء، بينما الأطفال يركضون ويلعبون، يعطون دفئًا خاصًا للليل البارد.
بينما كانت المقاهي والمطاعم المحاذية للطريق ملاذًا دافئًا للباحثين عن دفء الكوب الساخن او الحساء المغذي او وجبة مشبعة، حيث يمكن من خلف الزجاج رؤية العائلات مجتمعين حول الطاولات، يتقاسمون الأحاديث والوجبات.
ويقول عمر، طالب جامعي، الذي كان جالسا داخل مقهى مطل على الشارع: “نحب المجيء إلى هنا في نهاية الأسبوع، حتى وإن كان الجو باردًا. البحر يمنحنا شعورًا بالهدوء، والمكان ممتع للحديث مع الأصدقاء.”.
بجانبه، أضافت فاطمة، وهي تحمل كوبًا من القهوة الساخنة: “طنجة جميلة في كل الفصول، لكن في الشتاء يصبح الكورنيش أكثر رومانسية، الأضواء والبحر يضفيان سحرًا خاصًا.”.
الباعة الجائلون كانوا منتشرين على طول الكورنيش، يعرضون بضاعتهم المتنوعة، من الملابس الشتوية إلى الأطعمة والمشروبات التي تبعث الدفء في النفوس.
أصوات أمواج الشاطئ تذوب في حركة السيارات وأحاديث الناس، لتشكل سمفونية ليلية تعكس روح طنجة التي لا تهدأ.
وتظل طنجة، المدينة التي تعرف كيف تمزج بين برودة الطقس ودفء الحياة، شاهدة على حركة مستمرة وحياة لا تعرف السكون. مشهد الكورنيش ليلاً، بما يحمله من تناقض بين صمت البحر وضجيج المدينة، هو شهادة على تعلق سكانها وزوارها بجمالها وسحرها الذي لا يزول.