وضعت الحكومة التي يقودها رئيس حزب التجمع الوطني للأحرار عزيز أخنوش، خطة شاملة تهدف إلى خلق 100 ألف منصب شغل خلال السنة المقبلة، في إطار مشروع قانون المالية لسنة 2025.
ويركز هذا المشروع على تعزيز دينامية الاستثمار، وتحسين مناخ الأعمال، ودعم التشغيل في مختلف القطاعات لمواجهة تحديات البطالة وتعزيز النمو الاقتصادي.
وأوضح الخبير الاقتصادي محمد جدري أن الاقتصاد الوطني، إذا تمكن من تحقيق هدف النمو المتوقع بنسبة 4.6%، سيكون قادراً على خلق حوالي 100 ألف فرصة عمل، وهو ما يعادل ما بين 16 ألف و20 ألف منصب لكل نقطة نمو.
ومع ذلك، أكد جدري أن هذا الرقم لا يزال غير كافٍ لتلبية احتياجات سوق العمل، حيث يتراوح عدد الباحثين عن فرص عمل سنوياً بين 300 ألف و400 ألف شخص.
ويتضمن مشروع قانون المالية تخصيص غلاف مالي إضافي يقارب 14 مليار درهم، منها 12 مليار درهم للاستثمار، و1 مليار درهم للتشغيل في الوسط القروي، و1 مليار درهم لبرامج النهوض بالتشغيل.
كما يهدف المشروع إلى تحسين نجاعة برامج التشغيل، وتعزيز التعاون بين القطاعين العام والخاص، وتفعيل صندوق محمد السادس للاستثمار.
وأكد المحلل السياسي والاقتصادي إدريس العيساوي أن السلطة التنفيذية عازمة على معالجة مشكلة التشغيل التي تثقل كاهل العمل الحكومي.
وأوضح أن خلق فرص شغل كافية من حيث الكم والنوعية يعد أمراً مستعجلاً لمعالجة الاختلالات في سوق العمل، مشيراً إلى أن التشغيل لا يقتصر على المناصب المالية المحدثة في الإدارة، بل يشمل تحسين مناخ الأعمال، وتسريع المشاريع الاستثمارية، وتطوير الرأسمال البشري.
يأتي هذا التوجه في ظل ارتفاع معدل البطالة الذي بلغ 13.6% خلال الفصل الثالث من سنة 2024، ما يجعل إنعاش التشغيل أحد الأولويات الرئيسية للحكومة في النصف الثاني من ولايتها.
وتسعى الحكومة من خلال هذه الخطوات إلى دعم الاقتصاد الوطني، وتعزيز قدرته على خلق فرص عمل، وتحقيق التنمية المستدامة.
وأشار العيساوي إلى أن الحكومة تتبنى خارطة طريق شاملة تقوم على تحليل دقيق، متعدد الأبعاد والقطاعات، يغطي جوانب متعددة من سوق الشغل من منظور العرض والطلب.
وأبرز أن خارطة الطريق تتجلى في تخصيص غلاف مالي إضافي يقارب 14 مليار درهم لتنفيذ المحاور الرئيسية الثلاثة، التي تشمل الاستثمار والتشغيل في الوسط القروي وبرامج النهوض بالتشغيل.
كما تعتزم الحكومة تشجيع الاستثمار الخاص، وتحسين مناخ الأعمال، ومواصلة تنفيذ ميثاق الاستثمار الجديد، وتوطيد التعاون بين القطاعين العام والخاص، إلى جانب تفعيل صندوق محمد السادس للاستثمار.
وسيتم العمل على دعم التشغيل من خلال مواصلة الاستثمار العمومي الرامي إلى تزويد المملكة بميثاق جديد تنافسي قادر على خلق فرص الشغل، ودر قيمة مضافة عالية، وتقليص الفوارق الترابية.
وأشار العيساوي إلى ضرورة أن تنهج المالية العمومية مساراً مستداماً لمواجهة التحديات الاقتصادية والاجتماعية الكبرى. ولفت إلى أن عجز الميزانية ينبغي خفضه من 4% حالياً إلى 3.5% السنة المقبلة، ثم إلى 3% بحلول سنة 2026، مؤكداً أن هذا يستلزم إدارة صارمة للمديونية، التي لا يجب أن تتجاوز 70% من الناتج المحلي الإجمالي بحلول سنة 2026.
أضاف العيساوي أن المشاريع الكبرى المرتقبة في قطاعات النقل السككي، والطيران، والطاقة، والموارد المائية، والسياحة، والفلاحة، والنقل الحضري، في إطار استعدادات المملكة لاستضافة الأحداث الرياضية الكبرى، خاصة كأس العالم 2030، من شأنها تعزيز نمو الاقتصاد الوطني في السنوات المقبلة والإسهام في خلق قيمة مضافة عالية وفرص شغل قارة ولائقة.
من جهته، قال الخبير الاقتصادي محمد جدري إن الاستثمار العمومي لوحده لن يكون كافياً لتلبية احتياجات سوق الشغل، داعياً إلى النهوض بالاستثمارات الخاصة وتعزيز حصة القطاع الخاص في خلق فرص الشغل. وأكد أن تعزيز الاستثمار باعتباره أحد الأولويات الرئيسية لمشروع قانون المالية قد يمثل حلاً فعالاً لخلق الثروة والتشغيل في السنوات القادمة.
يجدر بالذكر أن تنفيذ الإصلاحات الطموحة والاستثمارات الاستراتيجية المعلن عنها في إطار مشروع قانون المالية لسنة 2025 قد يمثل بالفعل نقطة تحول حاسمة في سوق الشغل، ويسهم في تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية المستدامة.