فردوس الحيولي: في مدينة طنجة الكبرى، نصب المستشفى الجامعي محمد السادس ليذكرنا بالتحديات التي يواجهها قطاع الرعاية الصحية في المغرب. فمثلما شكل هذا المستشفى العملاق عند تشييده وتجهيزه أملا للمواطنين، سرعان ما أصبح في الواقع عبارة عن جملة من التحديات الهيكلية والتنظيمية التي تؤثر سلباً على جودة الخدمات المقدمة للمرضى.
بدايةً، يتصدر قائمة التحديات غياب التنظيم الفعال داخل أروقة المستشفى، مما يتسبب في فوضى عارمة تصعب من عملية تقديم الخدمات الطبية بكفاءة وسلاسة، وتتجلى هذه الفوضى في اعتماد طرق إدارية عتيقة وغير مؤهلة لمتطلبات العصر الحديث كالملفات الورقية اليدوية والغير مرقمنة، مما يعقد من عمليات التسجيل والفوترة ويؤدي إلى تأخيرات غير مبررة في تقديم الخدمات الطبية للمرضى والمواطنين المصطفين لساعات طويلة في طوابير عريضة مقابل شباك وحيد.
ثانيًا، يعاني المستشفى من مشاكل جوهرية في التواصل لقلة خبرة الأطقم في التعامل مع رواد المنشأة الصحية، مما يترتب عنه ارتباك واضح في تقديم الخدمات اللازمة، ويفاقم قلة ثقة المواطنين المغاربة في الجهاز الصحي الوطني العمومي وفي النظام الصحي بشكل عام. علاوةً على ذلك، يشكل غياب التكنولوجيا الطبية والمعدات الحديثة تساؤلات جديدة وتحديًا آخر يواجه رواد المستشفى. فبالرغم من العناية الملكية التي يحظى بها المستشفى، يعاني من ندرة استخدام بعض المعدات الحديثة التي تم توفيرها، مما يؤثر على جودة الخدمات المقدمة ويضعف القدرة على التشخيص السريع والدقيق.
المركز الاستشفائي الجامعي “محمد السادس” بطنجة، الذي شيد في إطار الورش الملكي الهادف لتعزيز البنية التحتية الوطنية، خاصة وأننا مقبلون على تنظيم تظاهرات كروية عالمية مهمة، قد حصل على جائزة Archdaily Awards 2023 في فئة “الرعاية الصحية”، ويشكل مجمعًا استشفائيًا متكاملًا يضم أقسامًا ومنصات طبية وتقنية متنوعة، مدعومة بأحدث التكنولوجيا في مجال الرعاية الصحية. ويتموقع على قطعة أرضية تبلغ مساحتها 23 هكتارًا ويضم 797 سريرًا، مما يجعله محورًا مهمًا في البنية الصحية بالمنطقة.
لكن ومع الأسف الشديد فإنه يفتقر إلى أطر التقنيات البيوطبية، كما هو الحال في سائر المستشفيات الوطنية، لتدبير هذه المعدات المتطورة واستغلالها، بل حتى أنها تتعرض للتلف والضياع بسبب الإهمال والاستخدام العشوائي علما أنها كلفت أموالا طائلة، حتى أضحى بعد وقت وجيز من تدشىنه لا يرقى إلى أدنى المستويات.
باختصار، يتطلب مستشفى محمد السادس بطنجة جهودًا مشتركة ومتكاملة من قبل الإدارة والموظفين والجهات المعنية، لضمان تقديم رعاية صحية تتناسب والأهداف التي بني من أجلها، كما ينبغي على الإدارة أن تتخذ تدابير فورية لتحسين التنظيم الداخلي وتعزيز الاتصال والتواصل مع المرضى، وحل المشاكل التقنية والتكنلوجية التي تساير العصر، مع توفير التدريب المناسب للموظفين فيما يتعلق بتسيير الأجهزة والحرص على استقطاب مهندسين بيوطبيين لضمان حسن استخدام وتدبير المعدات الباهضة والحديثة المهملة، وتقديم خدمات صحية عالية الجودة تتناسب مع تجهيزات المستشفى وفق أحدث المعايير العالمية.