كان الترقب سيد الموقف في قاعة المحكمة الابتدائية في طنجة، حيث لحظات إعلان القاضي عن رفض الدفوعات الشكلية المتعلقة بالدفع بعدم الاختصاص النوعي كانت ثقيلة على الجميع. بدا وكأن الوقت قد توقف، والأنفاس كانت محبوسة في صدور الحاضرين، بينما كانت العيون موجهة نحو منصة القاضي، التي بدت وكأنها مركز ثقل يحدد مصير الجميع.
في تلك اللحظات، كان القلق يتسلل إلى أعماق المتهمين وأسرهم، الذين كانوا في حالة ترقب مشوبة بالرهبة. أظهرت بعض الوجوه علامات الشحوب، بينما كانت أيدٍ تتشابك وتتصافح في صمت حذر، في انتظار أن تقرع المطرقة الحاسمة التي ستعلن مصيرهم.
في المقابل، كان المشتكون يراقبون المشهد بحذر أيضًا، ولكن بنوع من الغضب المكبوت، متسائلين عما إذا كانت العدالة ستنصفهم بعد كل ما مروا به من معاناة.
ثم جاء إعلان الأحكام، ليكسر صمت القاعة ويعصف بالأعصاب. عندما نطق القاضي بالأحكام، بدءًا من الحبس خمس سنوات على رئيسة المجموعة ومديرتها، ثم باقي المتهمين، تغيرت الوجوه بسرعة.
وفي الجهة المظلمة من القاعة، حيث كانت تجلس العائلات المتضررة، بدأ المشهد يتغير بشكل مفاجئ.
فجأة، انفجرت بعض الحاضرات في نوبات من البكاء والصراخ، فكانت هناك صرخات متقطعة تعلو أحيانًا وتخبو أحيانًا أخرى، وكأنها صرخات ألم مكتوم تخرج فجأة بعد أن ظلت حبيسة طوال الأشهر الماضية.
كان الصراخ يشق صمت القاعة، مصحوبًا بإغماءات مفاجئة. سقطت بعض النساء على الأرض فاقدات الوعي، بينما حاول البعض الآخر محاولة النهوض والعودة إلى مقاعدهم، لكنهم سرعان ما انهاروا مجددًا.
كانت مشاهد الفوضى تتنقل بسرعة بين الحضور، حيث كان القاضي يحاول الحفاظ على النظام في القاعة، بينما انتشرت حالة من الهلع بين أفراد العائلات المتضررة.
إحدى النساء كانت تحتضن وجهها بكلتا يديها، تحاول إخفاء دموعها التي غسلت وجنتيها، وبعضهن كان يتمايل بعنف من تأثير الصدمة، بينما كان رجال الأمن يدخلون لتهدئة الأوضاع، محاولين دون جدوى احتواء مشاعر الحزن والصراع التي كانت تعتصر قلوب الحاضرين.
وسط هذه الفوضى، كان البعض يجلس صامتًا، لا يستطيع إخفاء ألم الخيبة، عيونهم مليئة بالدموع، وأيدٍ ترتجف على حجارة أرض المحكمة. كانت لحظة غاية في الصعوبة، ليس فقط للأسر التي فقدت حقوقها، بل أيضًا للمتهمين الذين كانوا يواجهون مستقبلاً مظلماً.
وفيما كانت بعض النساء تسقطن مغشيًا عليهن، كان هناك من يحاول تهدئة أخريات اللواتي أصابهن الإغماء نتيجة شدة الانفعال.
هذا وأصدر قاضي الجلسة التي استمرت ليومين متتابعين قبل النطق بالأحكام صباح الأربعاء، قراراته الحاسمة في قضية “مجموعة الخير”، التي كانت قد شغلت الرأي العام المحلي والوطني لفترة طويلة.
و اصدر القاضي حكمه بالحبس النافذ لمدة خمس سنوات على رئيسة المجموعة ومديرتها، بالإضافة إلى ثلاثة متهمين آخرين الذين تم إدانتهما بنفس العقوبة.
كما أدانت المحكمة 8 متهمات في الملف بأحكام حبسية نافذة لمدة 4 سنوات لكل واحدة، بينما شمل الحكم 5 متابعين آخرين بالحبس لمدة 3 سنوات نافذة. وحُكم على متهمة واحدة بالحبس لسنتين، وثلاثة آخرين بسنة نافذة لكل منهم.
وفي المقابل، أصدرت المحكمة عقوبة حبسية مدتها 3 أشهر نافذة على شخص واحد، مع وقف التنفيذ لشخصين آخرين من المتابعين في القضية.