يكتسب مشروع ترميم برج السعديين بمدينة العرائش أهمية تتجاوز مجرد إعادة تأهيل معلم تاريخي، ليعكس رؤية أوسع للحفاظ على التراث الثقافي وتوظيفه في تنمية السياحة والاقتصاد المحلي.
ويعد هذا البرج، الذي يعود تاريخه إلى القرن السادس عشر في عهد الدولة السعدية، رمزًا لحقبة مهمة من التاريخ المغربي، حيث لعب دورًا دفاعيًا بارزًا في حماية السواحل الشمالية.
غير أن التحديات التي واجهها البرج على مر القرون، بما في ذلك الإهمال والعوامل الطبيعية، جعلت من ترميمه ضرورة ملحة للحفاظ على ذاكرة المدينة.
المشروع، الذي رُصدت له ميزانية قدرها 40 مليون درهم بتمويل من وزارة الشباب والثقافة والتواصل وجماعة العرائش، لا يمثل مجرد استثمار مالي، بل يعكس إرادة سياسية وثقافية لتعزيز الهوية المغربية.
فالتراث، الذي كان يُعتبر يومًا عبئًا في مشاريع التنمية، بات اليوم عنصرًا أساسيًا في استراتيجيات المدن لتعزيز جاذبيتها.
لكن المشروع يثير أيضًا تساؤلات حول استدامة هذه الجهود، إذ يعتمد نجاحها على دمج المعلم التاريخي في نسيج المدينة بشكل يجعل منه عنصرًا فعالًا في الحياة اليومية.
ووفقًا لرئيس جماعة العرائش، فإن الهدف لا يقتصر على الترميم فقط، بل يمتد إلى إدماج البرج في المسار السياحي والثقافي للمدينة، مما يعزز من إمكانيات الجذب السياحي ويوفر فرص عمل محلية.
ورغم هذه الطموحات، تظل التحديات قائمة، بدءًا من ضمان احترام الهوية التاريخية للبرج أثناء الترميم، وصولًا إلى تأمين الصيانة المستمرة بعد انتهاء الأشغال.
في هذا السياق، يمثل برج السعديين اختبارًا لإمكانية تحويل التراث الثقافي إلى رافعة للتنمية المحلية، في وقت تتزايد فيه أهمية السياحة الثقافية كمصدر مستدام للنمو الاقتصادي.
ومع بدء أشغال التهيئة، ينتظر سكان العرائش وزوارها رؤية هذا المعلم وهو يستعيد ألقه القديم، ليصبح مرة أخرى شاهدًا على تاريخ غني وواجهة لمستقبل طموح.