تبدو “منارة كاب ملاباطا” من بعيد كأنها تهمس بالذكريات القديمة، وتحمل على جدرانها آثار الزمن الذي مر عليها في صمت.
هذه المعلمة التاريخية، التي تقع في المنطقة المعروفة أيضًا باسم “سيدي المناري”، تعيش في الظل، بعيدًا عن الأضواء التي تلاحق شقيقتها “منارة كاب سبارتيل” في الواجهة الغربية للمدينة.
ورغم الجمال الطبيعي الذي يحيط بها، فإن المنارة تعاني من إهمال طويل الأمد جعلها تبدو وكأنها فقدت كل بريقها الذي كانت تشع به يومًا.
تتوزع التصدعات على جدرانها كما لو أنها تحمل في طياتها قصصًا لم تروَ بعد. وعندما تقترب منها، يلوح أمامك مشهد متناقض: من جهة، تبدو المنارة وكأنها صامدة أمام رياح البحر العاتية، ومن جهة أخرى، تتساقط الحجارة من جدرانها المتشققة، وهو ما يعكس وضعًا مزريًا يحتاج إلى تدخل سريع قبل أن تصبح مجرد ذكرى.
في محيطها، تتمتع المنطقة بسحر طبيعي يخطف الأنفاس. الأشجار تتمايل برقة مع النسيم القادم من البحر، بينما تتناثر بعض الزهور البرية هنا وهناك.
لكن رغم هذه الجاذبية الطبيعية، يبقى الإهمال واضحًا في كل زاوية. تأتي أعداد من الزوار يوميًا إلى المنطقة، بحثًا عن لحظة هدوء بعيدًا عن ضجيج المدينة.
ويواجه هؤلاء الذين يأتون للاستمتاع بجمال المنظر الخلاب مع الأسف، مشهدًا من اللامبالاة تجاه هذه المعلمة التاريخية.
ويرى الفاعلون المدنيون أن “منارة كاب ملاباطا” تستحق أن تُحسن العناية بها، خاصة في ظل المشاريع السياحية الكبرى التي تجري في طنجة.
والأكيد، ان تحويل هذه المعلمة إلى وجهة سياحية ثقافية قد يساهم في تثمين هذه المنطقة اكثى من الناحية الاقتصادية والاجتماعية، فضلاً عن إحياء تاريخها الغني.
ويعبر عبد العزيز جناتي، رئيس مرصد حماية البيئة والمآثر التاريخية، عن أسفه لهذا الوضع، موضحًا أن هذه المعالم يجب أن تُدرج ضمن خطة شاملة لتحسين وتثمين التراث الثقافي للمدينة.
ويضيف أن منارة “كاب ملاباطا”، التي تعد من المواقع الاستراتيجية، بحاجة إلى رعاية حقيقية لتظل جزءًا من ذاكرة طنجة الحية.
في انتظار تلك العناية المنتظرة، تظل “منارة كاب ملاباطا” شامخة، تحتضن بين جدرانها تاريخًا طويلًا، متطلعًا إلى المستقبل، على أمل أن تستعيد مجدها وتظل شاهدة على تطور المدينة وتاريخها.