يعكس اختيار طنجة لاحتضان الدورة السادسة عشرة لمنتدى “ميدايز” فهمًا عميقًا لدورها كمدينة تجسد التوازن بين الجغرافيا والتاريخ، وبين الإرث الحضاري والانفتاح على المستقبل.
وبفضل موقعها الفريد عند ملتقى البحر الأبيض المتوسط والمحيط الأطلسي، وكونها جسرًا طبيعيًا بين القارتين الإفريقية والأوروبية، تقدم طنجة نموذجًا حيًا لرؤية المنتدى المتمثلة في بناء جسور تواصل لتحقيق توازن عالمي جديد، يتسم بالعدالة والتكامل بين الشمال والجنوب.
ولقد أكدت مداخلات المشاركين على هذا الانسجام بين مضمون المنتدى وفضاء انعقاده.
فعمدة طنجة، منير ليموري، سلط الضوء على رمزية المدينة كملتقى حضارات، مشيرًا إلى أن تاريخها الطويل كشاهد على حوارات الثقافات يجعلها منصة مثالية للتفكير الاستراتيجي في قضايا معاصرة تهم الإنسانية جمعاء.
واعتبر ليموري أن اختيار طنجة لاحتضان هذا الحدث يعكس قدرة المدينة على توفير بيئة محفزة للنقاشات البناءة، وهي ميزة تعزز مكانة المغرب كوجهة للحوار الدولي.
من جانبه، أبرز إبراهيم الفاسي الفهري، رئيس معهد أماديوس، أن مفهوم السيادة كما طرحه المنتدى يتجاوز الأطر التقليدية ليصبح تعبيرًا عن استقلالية الدول في تحديد مصائرها.
ويتقاطع هذا المفهوم مع مكانة طنجة كرمز للحرية والتواصل. فالمدينة، التي عُرفت تاريخيًا كميناء للتبادل الثقافي والتجاري، تؤكد أن السيادة ليست فقط في الحدود، بل في القدرة على اتخاذ القرارات المناسبة وتحويل التحديات إلى فرص.
أما الرئيس القمري عثمان غزالي، فقد شدد على أهمية تعزيز سيادة إفريقيا في مواجهة الأزمات المتصاعدة، بينما رأت الوزيرة الأولى لجمهورية الكونغو الديمقراطية، جوديث سومينوا تولوكا، في المغرب نموذجًا يُحتذى، لا سيما من خلال نجاحه في تحقيق التوازن بين تنويع اقتصاده وتعزيز علاقاته جنوب-جنوب، مما يجعل طنجة منصة فعالة لتعزيز هذا النهج.
إن انعقاد المنتدى في طنجة ليس مجرد اختيار مكاني، بل هو رسالة استراتيجية تسلط الضوء على قدرة المدينة، ومعها المغرب، على أن تكون فاعلاً رئيسيًا في صياغة نظام عالمي أكثر عدالة.
وهكذا، فإن طنجة، التي طالما جمعت بين الثقافات والتوجهات، تقدم للعالم نموذجًا للتوازن بين الأصالة والحداثة. ومع استضافة المنتدى، تعزز مكانتها كبوابة للتغيير الإيجابي، حيث تتلاقى فيها رؤى الشعوب المختلفة، ليس فقط للبحث عن حلول، بل لبناء شراكات استراتيجية طويلة الأمد.
ويجعل هذا الانسجام بين فضاء الاستضافة وأهداف المنتدى من طنجة أكثر من مجرد مكان للنقاش، بل مركزًا للإلهام والعمل.
وتفتح هذه المدينة، التي تستمد قوتها من تاريخها وتنوعها، آفاقًا جديدة للتعاون الدولي، مما يجعلها رمزًا حيًا للأمل في تحقيق توازن عالمي جديد يرتكز على قيم الحوار، التضامن، والابتكار المشترك.