دخل عدد كبير من العمال المياومين بطنجة؛ في عطالة إجبارية؛ بعد قرار السلطات الترابية؛ وقف إصدار رخص الإصلاح؛ على خلفية ما بات يعرف بـ”أزمة الرخص”.
عمال بناء وسباكة وتقنيو كهرباء وغيرهم؛ باتوا يواجهون صعوبة كبيرة في الحصول على ساعات عمل معدودة يكسبون من خلالها “طرف الخبز”؛ وهم الذين يشتكون في الأوضاع العادية من تراجع الإقبال على خدماتهم.
مؤخرا؛ أصدر والي جهة طنجة تطوان الحسيمة؛ محمد مهيدية؛ قرارا يمنع بموجبه رؤساء المقاطعات الأربع؛ من إصدار مزيد من رخص الإصلاح؛ بدعوى أنها “صارت تُستغل خارج نطاقها”؛ وفق نص المراسلة الموجهة في هذا الصدد.
بحسب المراسلة ذاتها؛ فإن المستفيدين من هذه الرخص اصبحوا يتسترون خلفها لتشييد بنايات جديدة أو بإحداث تغييرات جوهرية في العقارات المعنية؛ محذرة من ان “مثل هذه الممارسات تساهم في تنامي ظاهرة انتشار غير القانوني”.
في ساحة تافيلالت بشارع مولاي سليمان في بني مكادة؛ يبدو لافتا مشهد أعداد من العمال وهم يعرضون خدماتهم للعموم؛ في ظاهرة تعرف منذ سنوات بـ”عمال الموقف”؛ يقضون ساعات طويلة من يومهم منتظربن زبونا أصبح بمثابة عملة غاية في الندرة هذه الأيام.
بجانب معدات عمله المتمثلة في أدوات الصباغة وسطل طلاء فارغ؛ يقضي “المعلم ميمون” معظم ساعات النهار يجول جنبات هذا الفضاء؛ وبين الفينة والأخرى يدخل في حديث ثنائي أو جماعي مع زملائه في محاولة لتجزية الوقت.
في البداية؛ خالنا هذا العامل الذي يمتهن الصباغة؛ بأننا أحد الزبائن المنتظرين؛ لكن سرعان ما تحولت معالم خيبة الأمل على وجهه بعدما علم برغبتنا في الحديث معه؛ فأغلبية عمال الموقف لا يتحمسون للحديث إلى وسائل الإعلام؛ حتى وإن كان هناك من يريد نقل معاناتهم وهمومهم الى الراي العام.
لا يبدو هذا العامل الذي قبل الحديث على مضض؛ دراية بالمستجدات المرتبطة بموضوع الرخص؛ رغم انعكاسها المباشر على نشاطه؛ فهو يربط الإقبال شبه المنعدم على خدماته بالوضعية الاقتصادية والاجتماعية بشكل عام.
يكشف “المعلم ميمون”؛ بأنه منذ تم الاستغناء عنه من طرف مقاول اشتغل لحسابه قبل سنوات؛ اصبح “كايترزق الله” في هذا الموقف وغيره من الفضاءات لعله يظفر بزبون يرغب في الاستفادة من خدماته.
وفقا لهذا الصباغ فإن “الحركة ميتة تماما” خلال الفترة الأخيرة”؛ مشيرا إلى أنه في الكثير من الأحيان يمر اسبوع كامل وبالكاد يحصل على فرصة عمل لا تستغرق سوى سويعات يتقاضى عنها مبلغا زهيدا.
أقران هذا العامل كثيرون يتخذون من ساحات وفضاءات عديدة في طنجة؛ أماكن لـ”رمي صنارانهم في بحر هائج وإن كان نادرا ما تظفر بصيد”؛ لا سيما بعد أن أصبح الكثير من المواطنين غير قادرين على القيام بإصلاحات في محلاتهم السكنية او المهنية؛ بسبب صعوبة أو استحالة الحصول على رخص إدارية تخول لهم ذلك.
وضع يجد حياله المنتخبون في مجالس المقاطعات؛ أنفسهم في حرج كبير أمام المواطنين الذين يعتبرون قضاء حوائجهم أساس العلاقة التمثيلية بين الطرفين.
هي خطوة ترى فيها فعاليات منتخبة؛ بأنها “إهانة للأجهزة التمثيلية للمواطنين الذين يصعب اقناعهم بمسؤولية السلطات في وقف إصدار هاته الرخص”؛ كما يقول مصدر جماعي.
في نظر هذا المصدر الذي فضل عدم الكشف عن هويته؛ فإن توقيف إصدار الرخص وما ترتب عنه من آثار اجتماعية واقتصادية؛ كان من الممكن تفاديه؛ من خلال اللجوء الى بدائل اخرى مثل فتح مجال امام المخالفين لملاءمة وتسوية وضعية أبنيتهم.
ويرفض هذا المتحدث؛ ان يتحمل المنتخبون وحدهم تبعات الاختلالات المرصودة في مرفق يشكل مجالا لتدخل مؤسسات أخرى تشكل الجماعة ٱخر حلقاتها.
وفي ظل توجه نحو إسناد مامورية المصادقة على رخص الإصلاح إلى لجنة مختلطة؛ تامل فعاليات مدنية وسياسية ان يتم حلحلة هذه الأزمة قريبا؛ من اجل المساهمة في تحريك عجلة الحركة الاقتصادية في المدينة.