طالما تباهت مدينة طنجة بموقعها الاستراتيجي كجسر بين المغرب وأوروبا، لكن اسمها اليوم أصبح مرادفًا للفشل ورمزا صارخًا للإخفاقات الإدارية والتخبط السياسي.
من خسارتها المهينة في سباق استضافة “إكسبو 2012” لصالح سيول الكورية الجنوبية، إلى تقرير الفيفا الذي صنفها كأضعف المدن المغربية المرشحة لاستضافة كأس العالم 2030، يتضح أن طنجة لم تخرج أبدًا من مستنقع التسيير العبثي الذي يعيق كل إمكانياتها.
ففي ملف “إكسبو 2012″، وعدت طنجة بتقديم تجربة عالمية متكاملة، لكنها عجزت عن توفير أبسط المرافق، مثل المراحيض العمومية.
آنذاك، تحولت المدينة إلى مادة للسخرية، حيث كشف الملف الكوري الجنوبي المنافس عن فجوة هائلة بين الوعود الطنانة والتخطيط الفعلي. سيول قدمت مشروعًا متكاملاً بتركيز على البنية التحتية والخدمات، بينما اكتفى مسؤولو طنجة بإلقاء خطابات رنانة تفتقر إلى أي محتوى عملي.
ومع ذلك، يبدو أن درس “إكسبو 2012” لم يترك أثرًا يُذكر على المجالس المنتخبة التي تعاقبت على إدارة المدينة.
فتقرير الفيفا الأخير أظهر نفس مواطن الخلل التي كانت وراء إخفاقات الماضي. تقييم الإقامة (2.2 من 5) كشف فشلًا ذريعًا في تحسين قطاع السياحة، بينما أظهر تقييم النقل (2.6 من 5) قصورًا مستمرًا في تحقيق تكامل فعلي بين مشاريع النقل الكبرى والبنية الحضرية للمدينة. وحتى في الترفيه والثقافة، سجلت طنجة 3.4، ما يعكس غياب أي استراتيجية حقيقية لجعل المدينة وجهة عالمية.
وتبدو المجالس المنتخبة في طنجة وكأنها عدوة المدينة الأولى. فبين غياب الكفاءات وتفضيل المصالح الحزبية الضيقة على المصلحة العامة، تحولت تلك المجالس إلى حجر عثرة أمام أي محاولة للنهوض.
وبدلًا من مواجهة التحديات بجرأة وابتكار، اكتفت تلك النخب بإعادة تدوير نفس الوعود الفارغة التي لا تُترجم أبدًا إلى واقع. فالمسؤولية لا تقع فقط على ضعف الأفراد، بل على منظومة نخبوية يبدو وكأنها مصممة لتعطيل أي تطور.
وحتى مع الصلاحيات الموسعة التي منحها دستور 2011، لم تتمكن طنجة من بناء نموذج إداري فعال. بدلًا من التعاون بين مختلف الفاعلين، نجد تنازعًا على الصلاحيات وتعطيلًا متعمدًا للمشاريع. المدينة أصبحت ساحة لصراعات حزبية عقيمة، تدفع ثمنها سمعة طنجة وسكانها.
طنجة اليوم ليست ضحية لغياب الموارد أو نقص الإمكانيات، بل لفشل ذريع في استغلالها. التاريخ لن يغفر للمسؤولين الذين أهدروا فرص المدينة واحدة تلو الأخرى، ولن يعذر صمت المجتمع أمام هذا العبث. إذا لم تحدث ثورة حقيقية في طريقة تدبير طنجة، فإن المدينة ستظل غارقة في مستنقع الإخفاقات، تراقب الفرص وهي تضيع، واحدة تلو الأخرى.