وسط أزقة أحياء مقاطعتي مغوغة وبني مكادة، تتردد خطوات مهاجرين قادمين من دول جنوب الصحراء، ليس بحثاً عن عمل دائم أو حياة كريمة فحسب، بل لتولي مهام غير رسمية في تنظيف الشوارع وكنس الأحياء.
هؤلاء المهاجرون أصبحوا بمثابة عمال نظافة مؤقتين لسكان هذه المناطق التي تعاني من تراكم الأزبال، في ظل عجز شركات النظافة المفوضة عن الوفاء بوعودها رغم الميزانيات الضخمة التي تستفيد منها.
وتمثل شركات النظافة “أرما” و”ميكومار” الركيزة الأساسية في تدبير قطاع النظافة بمدينة طنجة، وذلك بموجب عقود تدبير مفوض تكلف جماعة أكثر من 43 مليار سنتيم سنوياً.
ورغم هذه المبالغ الباهظة، لم ينعكس ذلك على تحسين جودة الخدمات المقدمة في بعض الأحياء، مثل مغوغة وبني مكادة، التي لا تزال تعاني من تراكم الأزبال في شوارعها، وهو ما دفع بعض السكان للاستعانة بالمهاجرين لتنظيف أحيائهم.
يقول محمد، أحد سكان حي بني مكادة، “نعاني من تراكم النفايات في الشوارع، حتى أن الأمر أصبح مزعجاً جداً. لجأنا إلى هؤلاء المهاجرين لتنظيف الأزقة مقابل أجر بسيط لأن شركات النظافة لا تقوم بعملها كما يجب”.
وعلى الرغم من أن العقود الموقعة بين الجماعة وشركتي النظافة تنص على توفير إمكانيات بشرية ولوجستية كافية لتدبير القطاع، إلا أن العديد من التقارير تشير إلى ضعف هذه الإمكانيات. العديد من الأحياء لا تزال تشهد نقاطاً سوداء للنفايات، ما يثير تساؤلات حول مدى فعالية الرقابة المفروضة على هذه الشركات.
ويعزو بعض المراقبين هذا الخلل إلى استخدام شركات النظافة معدات قديمة وأساطيل مهترئة، في ظل غياب واضح للتحديث والتطوير، ما يجعل العمال في ظروف عمل صعبة ودون وسائل حماية كافية.
هذا الوضع دفع البعض إلى طرح تساؤلات حول دور السلطات المحلية ولجان المتابعة في مراقبة تنفيذ عقود التدبير المفوض.
وفي ظل هذا الوضع، بدأت تظهر مبادرات فردية من السكان للتعامل مع أزمة النظافة. اذ لا تعتبر الاستعانة بالمهاجرين الأفارقة ظاهرة جديدة، لكنها ازدادت مؤخراً مع تفاقم مشكلة تراكم النفايات، خاصة في الأحياء الأكثر تضرراً. حيث يتم دفع هؤلاء العمال مقابل خدمات بسيطة من تنظيف الشوارع وجمع الأزبال، في غياب أي حل دائم من الشركات المفوض لها.
وسبق أن تعالت أصوات عديدة، إلى إعادة النظر في عقود التدبير المفوض، مؤكدة على ضرورة إيجاد حلول مستدامة لقطاع النظافة في المدينة، في ظل الاستنزاف الكبير لميزانية الجماعة.
مع تزايد الانتقادات وارتفاع وتيرة الاستياء الشعبي من تدني جودة الخدمات، يبقى السؤال حول مستقبل قطاع النظافة في طنجة. هل ستتمكن السلطة المفوضة من تدارك الوضع، أم أن الأزمة ستستمر لتلقي بظلالها على حياة سكان المدينة؟