مراد بنعلي
الصورة: فريق نهضة طنجة لكرة السلة لموسم 2010 -2011 (عدسة: توفيق الشريك)
عبقرية مدرب محنك عالم بخبايا عوالم كرة السلة، وأطر مكتب يحسن ويدير دواليب الفريق بكل إخلاص وتفان، لاعبون في قمة العطاء والتألق قادرين على تحقيق المعجزات في زمن المستحيل ومكان اللاممكن.
حضور جمهور قمة في الأناقة لم يلبس بدلات رسمية وربطات عنق، وإنما بتشجيعه المتواصل الذي كان خاليا من “ذرة” عبارة نابية، وهذا ما يجعلنا نصر على أن الجمهور الطنجاوي فعلا يستحق لقب أفضل جمهور مغربي، والشعارات الحماسية ألهبت القاعة التي احتضنت لقاء كبيرا بكل مقاييس رياضة كرة السلة، كما تميز هذا العرس الرياضي بحضور عائلات وآباء وأمهات الأطفال العاشقين لكرة السلة وأقرباء بعض اللاعبين، وهو ما خلق لوحة اجتماعية بديعة، كانت شبيهة إلى حد كبير بالفرجة التي صنعت على ساحة المعركة.
لا يتعلق الأمر بلقاء من “الإن بي إي” الأمريكية، ولا ببطولة أوربية أو آسيوية، وإنما بلقاء حمل ملامح مغربية وعلى أرض طنجة، والذي جمع بين فريق “الأحلام الممكنة” نهضة طنجة وممثل عاصمة الجهة الشرقية فريق المولودية الوجدية.
كل الشروط التقنية والتنظيمية كانت كافية وحاضرة لإنجاح هاته المباراة في رياضة تحظى بشعبية كبيرة في كل الأوساط، حيث الكرة الحمراء الصلبة المسماة كرة السلة، حيث يمكنك أيضا التسجيل وتحصيل النقاط من مجرد لمسة أو عملية ارتقاء بعد ممارسة همس بينك وبين الكرة، وهي التي من المفروض أن تحتك بمربع الحسم وتسقط هالكة في السلة الحديدية.
نهضة طنجة دخلت المواجهة وكلها عزم أكيد على تحقيق الفوز مهما كلف الثمن، خصوصا وأن الفريق الخصم لم يكن أقل حماسا أو رغبة في العودة إلى دياره بفوز من عمق عروس البوغاز.
انطلقت المباراة إذن وسار الإيقاع في الدقائق الخمسة الأولى لصالح نهضة طنجة، والتي أرادت التحكم في مقود الأمور منذ البداية حتى لا تصدمها قاطرة المولودية الوجدية، وابتداء من الدقيقة 6 ستظهر بوادر التفوق الطنجاوي على أبناء وجدة وتستمر العمليات الهجومية، لكن ذلك لم يمنع المولودية من تسجيل سلات مهمة أيضا والدليل على ذلك هو كون الربع الأول انتهى بفارق نقطتين فقط لصالح نهضة طنجة بواقع 23/25.
أشرك العبقري قجاج العنصر المتمرسة ( محمد الحوامي، أمادو كابا، محمد الذقني،….)، كما أدخل بعض العناصر الشابة في هذا اللقاء الهام دعما لهم على الاحتكاك والتعود على خوض كل التحديات (حمزة بلهاشمي، سمير مفتاح)…
من الناحية التقنية، أمست وصايا المدرب قجاج متجلية على أكثر من صعيد، خصوصا مع مع اعتماد هذا الأخير على “خطة” تعتمد الضغط على حامل الكرة، وكذا تطبيق الدفاع على مستوى رجل/ رجل، إضافة على الاعتماد على لاعب ارتكاز ولاعب موزع، وكلها إشارات تدل بما لا يدع مجالا للشك أن قجاج استوعب بكل جدية دروس وتعليمات كل الدورات التكوينية التي خاضها (خصوصا في إسبانيا…)، دون أن نغفل تجربته الكبيرة كلاعب مخضرم ذو رصيد كبير في رياضة كرة السلة، كل ذلك أهله ليكون مدربا في مستوى كل التطلعات، وبالتالي لم تخب آمال من وضعوا فيه الثقة حتى يصنعوا جميعا فريقا كبيرا ليس سوى نهضة طنجة.
كانت السيطرة الطنجاوية واضحة خصوصا في الربع الثاني (30/45)، والربع الثالث (33/57) الذي شهد “استسلاما” وشرخا كبيرا في صفوف المولودية الوجدية، وسط حماس جماهيري قل نظيره أعاد الدفئ إلى المدرجات ونفوس الحاضرين الذين كانوا من كل الفئات.
التحكيم، كان في مستوى التطلعات وتألق فيه الحكمان اللذان أدارا اللقاء بكل حزم و نشاط، وذلك بإشراف من الحكم الدولي أمين البدوي والحكم الفيدرالي عبد السلام التمضيتي (من عصبة الشمال)، ولم يتم تسجيل عدد كبير من الأخطاء (18 خطأ ضد نهضة طنجة…)
الجمهور، كان رائعا ولم يكف عن التشجيع لصالح نهضة طنجة، ومع توالي دقائق المباراة سار يطالب بالحصة الأمريكية “100 نقطة”، وهو ما كان سيتأتى في نهاية المطاف لولا عناد نقطة واحدة وإصرارها على عدم تسجيل نفسها في السبورة الإلكترونية.
لينتهي اللقاء الكبير بانتصار نهضة طنجة على المولودية الوجدية بواقع 99 نقطة مقابل 48، وهي النتيجة التي أبدع في تحقيقها كل لاعبي الفريق الطنجاوي : محمد الحوامي، يوسف الحمزاوي (18 نقطة لكل لاعب)، طارق بوقطيبة (14 نقطة)، لاسانا كامارا، مالامين غاي (12 نقطة لكل لاعب)، أمادو كابا (7 نقاط)، عثمان صنهاجي راجي (6 نقاط)، فيما اقتسم اللاعبون الآخرون ( محمد الذقني، أحمد العروسي، سمير مفتاح، كريم بوجنان، حمزة بلهاشمي) باقي النقاط التي أوصلتهم إلى النتيجة النهائية المشار إليها سابقا.
كل ذلك أثار إعجاب جل من تابع هذا اللقاء وخصوصا بعض الأطر الوطنية كالرواس وغيره، هؤلاء أجمعوا على استمتاعهم بأداء الفريق وبحسن تدبير وتأطير المدرب قجاج للاعبين، مع تأكيدهم إلى أن المستقبل القريب كفيل لتبيان من هو أجدر بالبقاء.
بقي أن نشير في الأخير إلى أن المدرب أحمد قجاج موجود حاليا بالديار الإسبانية (مدريد)، وذلك في إطار دورة تكوينية لمدة ثلاثة أيام (22/23/24 دجنبر 2010)، بدعوة من الجمعية الإسبانية لمدربي رياضة كرة السلة، وهي الدورة التي من المحتمل أن تحضرها عدة أسماء دولية في عالم التدريب، متمنياتنا بالتوفيق للإطار قجاج.