اقتصر مضمون وثيقة المطالبة بالاستقلال التي قدمتها الحركة الوطنية سنة 1944، على المطالبة بالاستقلال عن فرنسا التي كانت تحتل الجزء الأوسط من المغرب، دون الإشارة بشكل صريح إلى مناطق الحماية الإسبانية في شمال المملكة وجنوبها.
والملاحظ، أن الوثيقة التي تم تقديمها قبل 81 سنة، لم تشر بشكل صريح لا إلى المناطق الشمالية ولا الجنوبية التي كانت ترزح تحت نير الحماية الإسبانية، حيث لم يكن الوضع أقل قتامة مما كانت عليه باقي المناطق الخاضعة للاحتلال الفرنسي.
وفي هذه الحقبة الزمنية، كانت القوات الاستعمارية الاسبانية باسطة سيطرتها الكاملة على الشمال بعرضه، بما فيه مدينة طنجة التي كانت تحت النظام الدولي قبل أن تحتلها الجيوش الاسبانية سنة 1940.
و ظلت مدينة طنجة فاقدة لنظامها الدولي وتابعة إلى مدينة تطوان عاصمة المنطقة الخليفية تحت السيطرة الاسبانية، إلى سنة 1945، حينها أجبرت اتفاقية باريس الجيوش الاسبانية بإنهاء احتلالها لطنجة والعودة إلى النظام الدولي في 30 غشت 1945.
وفي هذا الإطار، تورد بعض التحليلات للأحداث التاريخية، أن تركيز وثيقة المطالبة بالاستقلال على مخاطبة المستعمر الفرنسي، اقتضته مكانة فرنسا التي كانت عضواً في الحلفاء، الذين انتصروا في الحرب العالمية الثانية، بينما كانت إسبانيا محايدة في الحرب.
ومن ضمن التفسيرات المطروحة في هذا الإطار، إدراك الحركة الوطنية، أن انتزاع الاستقلال الكامل للمملكة، يجب أن يمر عبر فرض هذا المطلب على فرنسا، التي كانت تعتبر القوة الاستعمارية الرئيسية في المغرب، ثم بعد ذلك السعي لتحقيق الاستقلال عن إسبانيا لاحقاً.
وعلى العموم، تبقى وثيقة المطالبة بالاستقلال من الاحداث البارزة في تاريخ النضال ضد الاستعمار الاجنبي بالمغرب، ويمكن اعتبارها البداية الرسمية للمطالبة بالاستقلال، الذي تلته مجموعة من الاحداث الاخرى الكبرى كزيارة الملك الراحل محمد الخامس إلى طنجة سنة 1947 واعلانه بشكل “صريح” انتماء طنجة، وباقي المناطق الاخرى إلى بلد واحد وهو المغرب.