بينما يتأهب المغرب لاستضافة كأس العالم 2030، تبرز مدينة طنجة كإحدى المحطات الرئيسية لهذا الحدث الكروي العالمي، في فرصة تاريخية لتعزيز صورتها كوجهة دولية، لكن خلف الصورة اللامعة لاستضافة هذا الحدث، تطفو على السطح تحديات بنيوية تقوّض جاهزية المدينة، وأبرزها أزمة النقل العمومي التي تؤرق المسؤولين والمواطنين على حد سواء.
ويعكس التقييم الأخير الصادر عن الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) حقيقة صعبة؛ إذ حصل قطاع النقل العمومي في طنجة على درجة 2.6 من 5، وهو مؤشر على الاختلالات العميقة في البنية التحتية والخدمات.
ورغم الإعلان عن مشاريع كبرى مثل “الباصواي” وخط الترامواي، فإن تعثر تنفيذ هذه المشاريع يجعل شبكة النقل الحالية غير قادرة على تلبية الاحتياجات المتزايدة، لا سيما مع تدفق ملايين المشجعين المتوقعين.
ومستفيدا من النقائص العميقة، يبدو النقل غير المهيكل أو ما يعرف بـ”الخطافة”، الخيار الأبرز لسد الفجوات التي خلفها ضعف النقل العمومي.
ويوفر هذا القطاع الذي يعمل خارج الإطار الرسمي مرونة في الوصول إلى المناطق الطرفية والمواقع السياحية، لكنه يفتقر إلى التنظيم ومعايير السلامة.
ومع توقع زيادة الضغط على هذا النوع من النقل خلال البطولة، تتزايد التساؤلات حول كيفية معالجة هذا الواقع المتجذر لضمان تجربة تنقل تلبي المعايير الدولية.
وفي هذا الإطار، يمكن أن تمثل بعض التجارب الدولية، مصدر إلهام لمدينة طنجة، في التعامل مع هذه المعضلة.
ففي كينيا، أدى تنظيم قطاع “ماتاتو” إلى تحسين الخدمات ورفع معايير السلامة من خلال فرض تراخيص وتحديد مسارات واضحة.
أما في كولومبيا، فكان الدمج التدريجي للنقل غير الرسمي مع الشبكة العمومية بمثابة نقطة تحول، حيث تم تقديم حوافز لتحديث المركبات وفرض عقود تشغيلية.
وفي العاصمة الفيلبينية مانيلا، سعت الحكومة إلى تنظيم نظام “جيبني” الشهير من خلال التعاونيات وبرامج تدريب السائقين، ما أدى إلى تحسين جودة الخدمة وتقليل الفوضى.
بالنسبة لطنجة، يبدو أن دمج قطاع “الخطافة” في المنظومة الرسمية قد يكون الحل الأكثر واقعية على المدى القصير، خاصة إذا تم وضع إطار قانوني ينظم هذا النشاط، ويضمن سلامة الركاب وجودة الخدمة.
كما أن استخدام التكنولوجيا، مثل الدفع الإلكتروني والتطبيقات الذكية، يمكن أن يسهم في تحسين الشفافية وزيادة الكفاءة، وهو ما أصبح ضرورة مع تصاعد التوقعات.
ويظل التحدي الأكبر في ترجمة الخطط إلى واقع ملموس قبل انطلاق البطولة. فبينما يمكن لإجراءات تنظيمية قصيرة المدى أن تسد بعض الثغرات، يبقى استكمال المشاريع الكبرى في الوقت المناسب عاملاً حاسمًا في تقديم تجربة سياحية متكاملة.