نظمت كلية العلوم القانونية والاجتماعية والاقتصادية بطنجة، الجمعة، ندوة وطنية حول موضوع “العلوم القانونية والذكاء الاصطناعي .. الفرص والتحديات”، بهدف تعميق النقاش العلمي حول التحديات القانونية التي يفرضها التطور المضطرد للذكاء الاصطناعي والتكنولوجيات الحديثة.
وشكلت الندوة، التي اشتمل برنامجها على جلستين علميتين بمشاركة أكاديميين وخبراء في المجالين القانوني والهندسة والرقمنة، مناسبة لدعم تطور البحث العلمي المتخصص وتعميق النقاش حول التحديات القانونية المعاصرة، وكذا تمكين الباحثين والطلبة من الاطلاع على النظريات والتطبيقات الحديثة المتعلقة بالذكاء الاصطناعي، لاسيما ما يهم جانبيها القانوني والحقوقي.
وتطرق مؤطرو الندوة، التي حضرها طلبة باحثون في سلك الدكتوراه والماستر، إلى الذكاء الاصطناعي في علاقته بالقانون والتنمية المستدامة وحقوق الإنسان، والرقمنة والذكاء الاصطناعي في علاقتهما بالتدبير العمومي، وكذا للمفاهيم الدقيقة من حيث المعلومة العلمية والقانونية والاقتصادية في ظل تطور مجال الرقمنة.
كما تطرقوا الى تأثيرات الذكاء الاصطناعي على النظام القانوني، والتحديات التي يطرحها هذا المجال الجديد في تأطير وضمان الحقوق والحريات.
في هذا الإطار أشارت منسقة الندوة، نسرين بوخيزو، الى أن الذكاء الاصطناعي يعد مجالا مستحدثا يحتاج الى تأطير تشريعي موازي ومواكب، واجتهاد خاص للمشرع، لمواكبة الحاجيات الاجتماعية وحل المشاكل التي يطرحها في احترام الخاصية الاجتماعية للقاعدة القانونية.
في سياق متصل، تناولت الجلسة الأولى من الندوة خصوصيات مختلف الحقول القانونية والمعرفية والعلمية التي يفرض الواقع ارتباطها بالذكاء الاصطناعي والتحولات الجارية في هذا المجال، والأمر يتعلق بقانون الشغل وحقوق العمال ذات الصلة، والسياسات العمومية، وحقوق الإنسان في بعديها الكوني والوطني، والقانون المدني، والأمثلة التطبيقية التي تبين بالملموس أبرز التحديات والفرص التي يطرحها تطور الذكاء الاصطناعي في هذا العصر الرقمي بامتياز.
كما عرجت مداخلات الباحثين على موضوع العقود الذكية بين الفراغ التشريعي وتحديات الذكاء الاصطناعي، والذكاء الاصطناعي وحقوق الإنسان، في أفق تحديد مسارات تطور التأطير التشريعي وإبداع القوانين داخل المؤسسات الدستورية المعنية وحقوق الإنسان في مقابل تطور الذكاء الاصطناعي، الذي يثير اهتمام المجتمعات العالمية ويقتضي مواكبة علمية دقيقة وبحث رصين ومعالجة آنية لكل ما يتعلق بالذكاء الاصطناعي.
أما الجلسة العلمية الثانية، والتي أطرها الباحث مولود السباعي، فقد اهتمت ب”الذكاء الاصطناعي وإشكاليات صناعة السياسات العمومية”، و “محدودية قواعد المسؤولية المدنية في مواجهة مخاطر الذكاء الاصطناعي”، إضافة الى “تأثير الرقمنة على مفهوم ومبادئ المرفق العام”، و “تأثيرات الذكاء الاصطناعي على الحقوق والحريات الأساسية”، قبل أن يتناول الباحثون موضوع “الذكاء الاصطناعي واتخاذ القرار العمومي وتدبير الأزمات”.
وفي ختام الندوة، أوصى المتدخلون بضرورة توحيد جهود المجتمعات والحكومات والتعاون متعدد الاهتمامات من أجل وضع إطار تشريعي موحد، خاصة و أن الذكاء الاصطناعي يتجاوز حدود الزمان والمكان، وكذا بضرورة وضع إطار تشريعي يتناسب مع الإشكالات المثارة مع احترام خصوصيات المجتمعات، وتكريس قواعد حمائية للأطراف المبرمة للعقود الذكية بسبب قصور قواعد القانون المؤطر للمجالات المعنية.