في قلب جبال الريف المهيبة، يقع واد القنار في إقليم شفشاون، الشمال المغربي، حيث تنبعث من الطبيعة سكونٌ يعانق الجمال.
تتداخل في هذه المنطقة الطبيعية التضاريس المتنوعة التي تخلق منظرًا خلّابًا، من القمم الجبلية المغطاة بالثلوج في الشتاء، إلى الأودية المتعرجة التي تعكس نقاء مياهها في فصول الصيف.
وتُعتبر هذه المنطقة واحدة من أجمل المواقع الطبيعية في المملكة، بما تتمتع به من مناظر ساحرة، ومناخ معتدل يتيح لها أن تكون بيئة غنية بالتنوع البيئي.
ففي كل زاوية من زوايا واد القنار، يشعر الزائر كأنه في عالم آخر، حيث تتناغم الأصوات الطبيعية من خرير المياه إلى تغريد الطيور.
لكن هذا الجمال الطبيعي الذي طالما كان محاطًا بالعزلة بدأ يستقطب الأنظار مؤخرًا من خلال مشروع طموح يهدف إلى تأهيله وتثمينه، من أجل تحويله إلى وجهة سياحية مستدامة تليق بما يقدمه من جمال أخّاذ.
بإشراف عامل إقليم شفشاون، محمد علمي ودان، تم اعطاء انطلاقة أشغال تنفيذ المشروع الذي يتراوح غلافه المالي حول 36 مليون درهم، ليشمل تطوير البنية التحتية وتحسين التجربة السياحية دون التأثير على الطابع البيئي للموقع.
ويهدف المشروع الى تعزيز قدرة واد القنار على استقطاب السياح من داخل المغرب وخارجه، ليصبح أحد أبرز الوجهات الجبلية في شمال المملكة.
فبالإضافة إلى تحسين المسارات السياحية التي ستأخذ الزوار في جولات بين أحضان الطبيعة، سيتضمن المشروع بناء مرافق صحية وأمنية لضمان راحة الزوار وسلامتهم.
ويطمح المشروع إلى خلق بيئة متكاملة تسمح للزوار بالاستمتاع بالموقع الطبيعي، في الوقت الذي يساهم في توفير فرص شغل جديدة لسكان المنطقة، من خلال مراحله المختلفة من البناء إلى التشغيل.
ولن يكون هذا المشروع مجرد تطوير للبنية التحتية، بل هو خطوة نحو تثمين التراث البيئي والثقافي للمنطقة، حيث سيشمل تحسين المسارات التي تمر بين الأشجار الكثيفة وأودية المياه المتدفقة، مما يسمح للزوار باكتشاف الجمال الطبيعي للمكان بشكل أعمق.
كما سيتم العمل على تجهيز فضاءات استراحة وتوفير خدمات سياحية من شأنها جعل الزيارة أكثر راحة وأمانًا.
وتتدخل العديد من الأطراف في تمويل وانجاز المشروع، حيث تُنسق المديرية العامة للجماعات الترابية بين مختلف الجهات المعنية، بينما تساهم وزارة السياحة والصناعة التقليدية والاقتصاد الاجتماعي في توفير الدعم المالي والفني.
ويلعب مجلس لطنجة-تطوان-الحسيمة دورًا رئيسيًا في تمويل المشروع، بينما تواصل وكالة إنعاش وتنمية الشمال تقديم الدعم الإداري والتقني لضمان سير العمل بسلاسة.
كما أن سكان المنطقة الذين لطالما كانوا حراسًا لهذا التراث الطبيعي، سيكون لهم دور كبير في المراحل المقبلة، حيث سيستفيدون من الفرص التي يتيحها المشروع، من خلال العمل في مختلف القطاعات السياحية والخدمية.
ومع بدء تنفيذ هذا المشروع، يُتوقع أن يُحدث تأثيرًا إيجابيًا على المنطقة، ليس فقط من خلال زيادة عدد السياح الذين سيزورون واد القنار، بل أيضًا من خلال النهوض بالاقتصاد المحلي.