يتواصل التراجع التدريجي لعدد المقاهي الثقافية في مدينة طنجة، بعد سنوات من مساهمتها في إحياء المشهد الثقافي المحلي عبر أنشطة فكرية وفنية متنوعة.
واصبحت هذه الفضاءات، التي شكلت منصة للقراءة والنقاش وتبادل الأفكار، تواجه تحديات كبيرة دفعت العديد منها إلى الإغلاق أو تغيير هويتها.
وعلى الرغم من قلة المقاهي التي رفعت لواء الثقافة والإبداع، لا سيما خلال سنوات ما قبل الجائحة، إلا أن هذه الفضاءات نجحت في إضفاء زخم فكري وفني على المدينة. استضافة أمسيات أدبية وعروض موسيقية وورشات إبداعية جذبت المثقفين والفنانين من داخل طنجة وخارجها.
“كانت أوقاتًا استثنائية، حيث اجتمعنا هنا لتبادل الأفكار ومناقشة الكتب”، يقول إبراهيم، أحد رواد مقهى ثقافي أغلق أبوابه قبل فترة. ويضيف بحسرة: “اليوم، أصبحت هذه الفضاءات نادرة، والأجواء التي كانت تميزها اختفت تدريجيًا.”
لكن هذا الزخم سرعان ما خفت، إذ ساهمت عوامل عدة في تراجع هذه الظاهرة. من أبرزها هيمنة النمط الاستهلاكي الذي دفع الشباب نحو المقاهي الفاخرة، وارتفاع تكاليف التشغيل، بالإضافة إلى ضعف الإقبال على الأنشطة الثقافية، خاصة بين الأجيال الجديدة.
“الجمهور أصبح يبحث عن مقاهٍ تقدم خدمات ترفيهية سريعة، بينما الأنشطة الثقافية لم تعد تجذب سوى فئة محدودة”، يقول صاحب مقهى ثقافي لا يزال يقاوم من أجل البقاء.
ورغم هذه التحديات، يرى البعض أن المقاهي الثقافية لا تزال تحمل قيمة رمزية. فقد ساهمت في إثراء المشهد الثقافي المحلي ووفرت متنفسًا للأفكار الحرة والنقاشات الجادة.
غير أن مستقبلها يبدو غامضًا في غياب دعم مؤسساتي وسياسات تشجع على الاستثمار في الثقافة.
في ظل هذا التراجع، يبقى السؤال مطروحًا: هل يمكن إحياء المقاهي الثقافية لتستعيد دورها في تعزيز الوعي الثقافي والفكري، أم أن الزمن قد تجاوزها لتصبح مجرد ذكرى جميلة في تاريخ طنجة؟