في سياق الجدل الدائر حول مستقبل مدينتي سبتة ومليلية المحتلتين، سعى خوان فيفاس، حاكم سبتة المحتلة، إلى التقليل من المخاوف بشأن احتمال تكرار سيناريو “المسيرة الخضراء”، نافيًا وجود أي تهديدات تستهدف الوضع الحالي للمدينة.
وخلال مشاركته في منتدى “نيو إكونومي” بالعاصمة الإسبانية مدريد، أكد فيفاس أن “سبتة إسبانية بحكم القانون والتاريخ”، معتبرًا أن الحديث عن مخاطر أمنية أو تحركات مغربية لاسترجاع المدينة هو مجرد “تكهنات لا أساس لها”.
وتأتي تصريحاته في وقت يشهد فيه الملف تحولات عميقة، إذ تمكن المغرب، خلال السنوات الأخيرة، من فرض مقاربة جديدة تستند إلى مراجعة العلاقات الاقتصادية والتجارية مع المدينتين، وهو ما أجبر إسبانيا على الاعتراف بأهمية التعاون مع الرباط في إدارة الحدود وقضايا الهجرة.
وفي هذا الإطار، اعترف فيفاس بأن العلاقات الجيدة مع المغرب تظل “ضرورية لضمان الاستقرار”، لكنه شدد على أن ذلك لا يجب أن يكون “بديلاً عن السياسات السيادية الإسبانية”. كما أشار إلى خطوة دخول شاحنات مغربية محملة بالأسماك إلى سبتة وهي تحمل أختامًا تؤكد أنها “جزء من إسبانيا”، في محاولة لطمأنة الرأي العام الإسباني حيال وضع المدينة.
لكن رغم محاولاته التقليل من تأثير التغيرات الجيوسياسية، فإن تصريحاته حول ضرورة إقامة جمارك تجارية رسمية بين المغرب وسبتة تعكس اعترافًا ضمنيًا بأن السياسة المغربية قد فرضت واقعًا جديدًا، خاصة بعد إغلاق المعابر غير النظامية التي كانت تشكل شريانًا اقتصاديًا رئيسيًا للمدينة.
وفيما يتعلق بملف القاصرين غير المصحوبين، أقر فيفاس بأن المدينة تعيش “وضعًا غير مستدام”، كاشفًا أن الإدارة المحلية فكرت في إعادة ملفهم إلى الحكومة المركزية بسبب تزايد أعدادهم وصعوبة التكفل بهم، وهو ما يعكس فشل المقاربة الإسبانية في إدارة هذه الأزمة، التي لطالما طالب المغرب بمعالجتها وفق مقاربة شاملة تشمل التعاون الأمني والاقتصادي بين البلدين.
وتشير التطورات الأخيرة إلى أن مستقبل المدينتين المحتلتين لم يعد مسألة داخلية إسبانية، بل بات مرتبطًا مباشرة بالموقف المغربي، الذي يواصل تأكيد حقه التاريخي في استعادة السيادة عليهما، في ظل تغير موازين القوى الإقليمية والتقارب الإسباني المغربي القائم على المصالح الاستراتيجية المشتركة.