مع اقتراب العطلة الصيفية، تتجه انظار آلاف الاسر المغربية نحو الشمال، حيث تشكل الشواطئ الممتدة من طنجة الى الحسيمة الوجهة المفضلة للباحثين عن قسط من الراحة، في ظل عطلة قصيرة وميزانية محدودة.
لكن مؤشرات الموسم المقبل لا توحي بكثير من التغيير، حيث يرتقب ان يتواصل الاعتماد الواسع على الكراء غير المهيكل، وسط غياب عرض سياحي منظم ومتنوع يستجيب لحاجيات الاسر المتوسطة.
في شوارع مرتيل والمضيق واصيلة، بدأت الإعلانات المكتوبة بخط اليد في الظهور مبكرا هذا العام، كما عادت الحسابات الفيسبوكية والمجموعات المغلقة الى الترويج لعروض الكراء الصيفي اليومي، بعيدا عن اعين الرقابة او التأطير القانوني.
ورغم بعض المحاولات السابقة من السلطات المحلية للحد من هذه الفوضى، تبقى السوق الموازية هي المهيمنة، مع ارتفاع مرتقب في الاسعار وضعف متوقع في جودة الخدمات.
وبحسب بعض المهنيين، فإن الطلب الداخلي على الإيواء السياحي يتجاوز بأشواط الطاقة الاستيعابية للعرض المهيكل، خاصة بالنسبة للفنادق والوحدات المصنفة، ما يفتح الباب امام الوسطاء والمضاربين للاستفادة من الهوة بين العرض والطلب.
ويقول فاعل سياحي من المضيق ان “في غياب بدائل حقيقية، فإن المواطن البسيط سيظل رهينة لواقع عشوائي يفرض عليه خيارات محدودة باسعار غير منطقية”.
ويعيد هذا الترقب القلق لموسم صيفي جديد الى الواجهة اسئلة قديمة بشأن النجاعة الفعلية للاجراءات المتخذة على المستوى المحلي.
ففي السنوات الماضية، أعلنت جماعات ترابية كمرتيل والمضيق عن تدابير تنظيمية تلزم اصحاب الشقق المخصصة للكراء السياحي بالتصريح المسبق لدى المصالح المختصة، كما تم اطلاق حملات توعوية تستهدف المواطنين والوسطاء على السواء.
غير ان هذه الخطوات لم تترجم الى نتائج ملموسة، بسبب محدودية المراقبة، وغلبة الطابع الموسمي وغير النظامي على نشاط الكراء.
في الاثناء، تعد الحكومة خطة لاعادة هيكلة قطاع الايواء السياحي، من خلال قرارات تنظيمية جديدة اعلنت عنها وزارتي الداخلية والسياحة.
وتستهدف هذه القرارات، حسب ما صرح به الناطق الرسمي باسم الحكومة مصطفى بايتاس، توحيد المعايير المهنية، وتوسيع تصنيف مؤسسات الايواء ليشمل الرياض، والقصبات، والمرافق ذات الطابع المغربي التقليدي، في افق تعزيز تنافسية العرض السياحي المغربي داخليا وخارجيا.
ورغم الترحيب بهذه المبادرات، الا ان مهنيين يؤكدون ان نجاح اي اصلاح رهين بتقليص الفجوة بين العرض القائم والطلب المتزايد، خاصة خلال ذروة الموسم الصيفي.
ويشدد احد وكلاء الايواء بتطوان على ان “النية في التنظيم موجودة، لكن النقص في الوحدات القادرة على استيعاب الاسر المتوسطة هو ما يغذي العشوائية، مهما كانت النوايا حسنة”.
ومع دخول فصل الصيف تدريجيا، تبقى الاسئلة مفتوحة: هل ستنجح الحكومة في تفعيل قراراتها قبل بداية ذروة الموسم؟ وهل تملك الجماعات المحلية الادوات الكافية للحد من فوضى الكراء؟
وبينما تستعد الشواطئ لاستقبال المصطافين، يبقى الخوف قائما من موسم جديد يعيد انتاج نفس الاختلالات، في انتظار اصلاح يتجاوز الوعود الى الاثر الملموس على الارض.