أقرت السلطات الإسبانية، ضمنيا، بنجاح المغرب في فرض شروط جديدة أكثر توازنا بخصوص الجمارك التجارية على مستوى معبر سبتة المحتلة، في خطوة تندرج ضمن السياسة المغربية الرامية إلى ضبط المبادلات التجارية وضمان احترام السيادة الاقتصادية الوطنية.
ويأتي هذا التحول بعد سنوات من التدفقات غير المنظمة للبضائع عبر المعبر، حيث أصبحت المبادلات التجارية تخضع اليوم لاتفاقيات ثنائية تؤسس لمرحلة جديدة قائمة على الانضباط القانوني والتعامل الرسمي.
وفي تصريح للصحافة، أكدت كريستينا بيريز، مندوبة الحكومة الإسبانية بمدينة سبتة المحتلة، أن نجاح الجمارك التجارية أصبح رهينا بمبادرة الفاعلين الاقتصاديين المحليين، مضيفةً: “الكرة الآن في ملعبهم. جميع الوسائل متوفرة لتدبير العمليات التجارية، وسنواصل دعمهم في هذا الاتجاه”. وهي تصريحات تُفهم على أنها اعتراف ضمني بفعالية المنهج المغربي الجديد في تسيير المعابر.
ورغم إعلان الجانب الإسباني أن العمل الجمركي يسير بانتظام، إلا أن بعض العراقيل لا تزال مطروحة.
فقد تم الإعلان مؤخرًا عن محاولة استيراد شحنة من مواد البناء (رمال وطوب)، غير أنها لم تتمكن من دخول سبتة، دون تقديم تفسيرات رسمية.
في المقابل، سُجل دخول شحنات رمزية من الأسماك، في مؤشر على بداية تحول تدريجي نحو تجارة قانونية ومنظمة.
ولا يقتصر هذا التغيير فقط على المبادلات التجارية الرسمية، بل ينعكس كذلك على الدينامية الاقتصادية اليومية. فعمليات المراقبة المشددة التي تباشرها السلطات المغربية ساهمت في تقليص تدفقات البضائع غير المشروعة، مما أثر على وتيرة التنقلات الفردية والمشتريات العابرة للحدود. وأكدت بيريز أن “أي تساهل قد يُفسر كتشجيع على التهريب، لن يتم القبول به”.
وفي سياق اللقاءات المنتظمة بين الرباط ومدريد لمراجعة قوائم السلع وتيسير حركة المبادلات، يبقى مستقبل الجمارك التجارية رهينا بمدى استمرار التنسيق الثنائي.
من جهتها، تعترف إسبانيا، ولو بشكل ضمني، بقدرة المغرب على فرض نموذج جديد ومتوازن في تسيير الحدود، يعكس تحولا هيكليًا في طبيعة العلاقات الاقتصادية بين البلدين.