طنجة هي مدينة تطل على بحرين، البحر الابيض المتوسط والبحر الاطلسي، وهذا هو السبب الذي يجعلها تمتلك عددا من الشواطئ على ضفتيها البحريتين، لكن الشاطئ الرئيسي الذي يعد وجه طنجة ورمز جمالها هو الشاطئ البلدي كما عرف سابقا ويسمى حاليا بشاطئ طنجة المدينة.
هذا الشاطئ المعروف أكثر عند سكان طنجة بـ”البلايا”، والذي يعد أحد المناظر الطبيعية المشكلة لصورة المدينة، بدأ منذ سنوات في فقدان بهائه ونظافته، لدرجة أن نسبة كبيرة من سكان طنجة صاروا يعتبرون هذا الشاطئ من ذكريات الماضي الجميل، إذ أنه لم يعد صالحا للسباحة والاستجمام كما كان.
ويقول علي، وهو أحد أبناء طنجة الذي يملك ذكريات كثيرة مع هذا الشاطئ سنوات السبعينات “كان هذا هو الشاطئ الرئيسي لسكان طنجة في فصل الصيف، الشاطئ الذي يتسع للجميع والذي كان يتميز بنظافة رماله ومياهه، قبل أن يتغير كل شيء مع بداية الالفية الجديدة”.
ويضيف علي وهو يتحدث لـ “طنجة 24″، ” ألان مع اقتراب فصل الصيف يوجه السكان أنظارهم إلى شواطئ أخرى، كأشقار، وسيدي قانقوش وغيرها، ولم تعد البلايا تستهوي أحدا إلا القليل، إذ لم يعد فيها ما تستهويه النفس أمام كثرة التلوث”.
وتجد النظرة السوداوية التي يقدمها هذا المواطن عن “بلايا طنجة” ما يبررها في سلسلة تقارير بيئية، آخرها التقرير الوطني لرصد جودة مياه الاستحمام والرمال للشواطئ المغربية، الذي صنفه ضمن قائمة فضاءات شاطئية غير صالحة للاستجمام.
وأشار التقرير الذي تم تقديمه الجمعة الماضي، في هذا الإطار إلى 11 شاطئا بجهة طنجة تطوان الحسيمة، موزعة على كل من إقليم الحسيمة (شاطئ صباديا وطوريس)، وإقليم الفحص أنجرة (قصر المجاز بالقصر الصغير)، وعمالة طنجة أصيلة (شواطئ طنجة المدينة وجبيلة 2 وجبيلة 3 وسيدي قاسم وأصيلة الرئيسية وأصيلة الميناء)، وإقليم العرائش (الشاطئ الصغير وميامي).
يوسف بدوره من سكان طنجة وينشط في المجال السياحي، يقول في هذا السياق ” كانت البلايا جزءا لا يتجزأ من حياتنا في فصل الصيف في فترة الثمانينات والتسعينات، كانت هي ملاذنا الاول ونحن مراهقين وشباب، الآن نادرا ما تجذب الاهتمام بسبب التلوث والنمو الديموغرافي والعمراني الذي أثر سلبا عليها”.
ويضيف يوسف بحماس” وكان جمال البلايا ونظافتها يستهوي الاجانب ايضا، إذ كانت طنجة تستقبل في فصول الصيف في الماضي الألاف من الأسر الاجنبية، كانت تقضي عطلها الصيفية هنا وتسترجع ذكريات طنجة الدولية قرب أمواج هذا الشاطئ”.
شاطئ طنجة الذي يعد جزءا من خليج طنجة، كانت شهرته قد بدأت خلال الفترة الدولية للمدينة، عندما كان حوالي نصف السكان هم أجانب من مختلف الجنسيات، فكان ملاذ هؤلاء الأول خلال تلك السنوات.
ورغم انقضاء العهد الدولي بعد استقلال المغرب سنة 1956م، ظل هذا الشاطئ يستقطب الآلاف من عشاقه من الأجانب، خاصة الاسبان الذين كانوا يحجون في كل فصل الصيف للاستمتاع بمياهه باعتباره آنذاك أحد الشواطئ الجميلة بمضيق جبل طارق.ويقول يونس صاحب مطعم بالسوق الداخل “وظل هذا الشاطئ يستقطب الناس بجماله إلى حدود أواخر التسعينات، بعدما بدأت طنجة تستقطب أعدادا كبيرة من المهاجرين إلى أن وصل به الحال إلى ما عليه الآن، شاطئا بلا ملامح تميزه”.
ولا يخفي يونس، خيبة امله، من عدم نجاعة الاصلاحات التي عرفها كورنيش طنجة، في اعادة شاطء طنجة “البلايا”، الى سابق عهده، حيث مازال حسب رأيه لا يرقى الى تطلعات سكان المدينة في فضاء نظيف ومناسب للاستجمام، في ظل التدخلات المحدودة للجهات المسؤولة وما يرافقها من سلوكات تتنافى ومبادئ العيش المشترك في فضاء عمومي.