خيم هاجس الأمن الرقمي والهجمات السيبرانية على افتتاح الدورة الثالثة لمعرض “جيتكس إفريقيا”، الذي انطلق، الاثنين، في مدينة مراكش، بمشاركة نحو 45 ألف شخص و1.400 عارض من أكثر من 130 بلدا، في تظاهرة تسعى إلى تعزيز موقع القارة الإفريقية في خارطة الابتكار الرقمي العالمي.
وفي كلمة مسجّلة عُرضت خلال حفل الافتتاح، حذر رئيس الحكومة، عزيز أخنوش، من “الممارسات المشينة” التي باتت تتزايد في الفضاء الرقمي، داعيا إلى تبني نموذج للذكاء الاصطناعي “أخلاقي وشمولي ومنظَّم”، يحترم حقوق الإنسان ويخدم الصالح العام.
وأكد أن المملكة المغربية تنخرط بقوة في المنتديات الدولية للدفاع عن هذا التوجه.
وقال أخنوش إن التنامي الملحوظ للهجمات الإلكترونية يستدعي “تفكيرا جماعيا لتعزيز أمننا المعلوماتي، وحماية منظوماتنا من هذه التصرفات غير الأخلاقية”، مشددا على أن إفريقيا يجب أن ترفض أن تكون “مجرد حقل تجارب رقمي”، بل عليها أن تتحول إلى فاعل ومقرّر ومنتج في مسار التحول التكنولوجي العالمي.
وتأتي هذه التصريحات بعد أيام فقط من تعرّض الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي لهجوم سيبراني كبير، وُصف بـ”غير المسبوق”، وأسفر عن تسريب معطيات حساسة تخص ما لا يقل عن مليوني منخرط، من بينها معلومات تعريفية، أرقام حسابات بنكية، ومعطيات تهم المشغلين والمؤمنين.
وقد أعلن الصندوق، في بلاغ رسمي صدر يوم 8 أبريل، عن توقيف مؤقت لعدد من خدماته الإلكترونية بعد اكتشاف الاختراق، وأكد اتخاذه إجراءات استعجالية بالتنسيق مع السلطات المختصة لتعزيز أمن أنظمته المعلوماتية.
كما وجّه نداء إلى المنخرطين لاتخاذ تدابير احترازية، من قبيل تغيير كلمات المرور وعدم الاستجابة لرسائل مجهولة قد تُستغل في حملات تصيد إلكتروني.
ويُنظم “جيتكس إفريقيا” تحت الرعاية السامية للملك محمد السادس، من طرف وزارة الانتقال الرقمي وإصلاح الإدارة بشراكة مع وكالة التنمية الرقمية، ويُعد أكبر ملتقى من نوعه بالقارة، ويطمح إلى جعل المغرب مركزاً قارياً لاحتضان التقنيات الناشئة والصناعات الإبداعية.
ويشمل برنامج الدورة الحالية عددا من الندوات والمنتديات القطاعية، من بينها “قمة مستقبل الربط في إفريقيا”، التي تجمع كبار الفاعلين في مجالات الاتصالات، الحوسبة السحابية، ومراكز البيانات، وتناقش سبل توسيع شبكات النطاق العريض واعتماد تقنيات الجيل الخامس.
وأكد أخنوش، في كلمته، أن الاستراتيجية الوطنية “المغرب الرقمي 2030” التي أُطلقت بتوجيهات ملكية، تقوم على ركيزتين أساسيتين: رقمنة الإدارة في خدمة المواطن والمقاولة، وخلق اقتصاد رقمي منتج للثروة ومحفز للابتكار وخلق فرص الشغل.
كما أشار إلى إصلاحات هيكلية أطلقتها المملكة لدعم الاستثمار التكنولوجي، وتعزيز الكفاءات، وخلق بيئة قانونية وتنظيمية مواتية للشركات الناشئة، خاصة فيما يتعلق بولوجها إلى الصفقات العمومية وتمويل مشاريعها الابتكارية.
وختم رئيس الحكومة مداخلته بدعوة إلى “توحيد الجهود لبناء سيادة رقمية إفريقية حقيقية”، معتبرا أن التكنولوجيا ينبغي أن تكون “أداة للتحرر وبناء مستقبل أفضل، لا وسيلة للهيمنة أو التخلف”.