اليوم،
أطفأ سيرك البطولة الاحترافية أضواءه، وجمعت (اتصالات المغرب) قلاعها، وقد لا تعود في الموسم المقبل لترفع أعلامها وتقدم هداياها لأولياء كرتنا الوطنية، وانصرف الجميع إلى حاله، هارباً من صخب وصهد الملاعب مستنجداً بالظلال والأماكن التي لا تطلع فيها شمس الهرج والمرج، إلى أن يدق جرس عودة طواحين الهواء…
في هذا الباب الموارب على جهة القلب منا، يطل فارسنا- فارس البوغاز- يلتحف ثوباً غير ثوبه المخطط بالأزرق والأبيض الذي حيك له منذ ولادته وكبر وترعرع فيه، ثم انتزع منه تحت ذرائع وذراع شتى..
أنهى فريقنا موسمه الأخير في منزلة، يراها أصحاب الحل والعقد إيجابية، ويعتبرها كثير من الخافقة قلوبهم بحب الفريق، دون المطلوب والمرغوب ومن غير اللائق (الرتبة الخامسة، بحصيلة 9 انتصارات و8 هزائم و13 تعادلاً، مكنته من جمع رصيد 40 نقطة، بفارق 19 نقطة عن المتوج بلقب البطولة و 10 نقط عن النازل إلى القسم الأدنى)…
ومن جهة الداعي لكم بالخير، أقرأ هذه النتيجة من زاويتي نظر متباينتين:
- هذه الحصيلة مقبولة، باعتبار أن فريقنا (اتحاد طنجة لكرة القدم) لم يستطع أن يحدث ثورة على مستوى تسيير وتدبير شأن الفريق، ولم يتمكن من تحقيق “الانتقال الاحترافي” المنشود، وظل حبيس النظرة (الجمعوية) الضيقة في تشكيل هياكله وفي تعاطيه من البعد التقني، من حيث التكوين ومن حيث الانتدابات، وغيرها…
- هذه الحصيلة غير مرضية، وخاصة بالنسبة للجمهور، بالارتكاز على أن الفريق لم يستفد من صفة البطل التي وُشح بها في الموسم ما قبل الفارط، حيث خرج بسرعة من نشوة وغمرة البطولة إلى صحو الواقع المتدبدب المطبوع بكثير من التسرع والارتجال، ذلك أن أي عاقل – وحتى الذي له عقل إلا ربع، لا يمكنه أن يوافق على تغيير ملامح الفريق الذي فاز بلقب البطولة، بشكل فادح ونكوصي، تلبية، ربما، لرغبات البعض الذي لا يزن الأمور بميزان الخفقان، ويوثر- ربما دائما- حركة الفلس حتى ينشط السوق وتنشط معه المَحافظ الخاصة…
وغداً،
لناظره قريب.. ولعل كل محب حقيقي – من أبناء المدينة ومن ساكنتها أو من عشاقها- لا يريد لفريق مدينته سوى الذي يليق به…
قريباً من السكات، نقول بصوت خفيض: اللّي اعطى الله اعطاه، والباقي أولى وأبقى وأهم.. وطنجة حية ترزق وفريقها يجب أن يستمر وأن يتجه نحو المستقبل بلون وطعم ورائحة أزهى وألذ وأطيب، ولن يتأتى هذا إلا بالبقاء على الوفاء، ثم الإخلاص للجماهير التواقة إلى الأسمى والأفضل… ويجب الشروع من الآن في اتخاذ بعض الاجراءات، من قبيل:
- القيام بقراءة تقييمية متأنية لحصيلة الموسم الفارط، إدارياً وتقنياً وعلائقياً…
- إعادة النظر في خريطة (الصلاحيات) الممنوحة لبعض الأفراد الذين تبت فشلهم في القيام بالمهام المسندة إليهم…
- الانصات إلى باقي الأصوات داخل المكتب (وضمن المنخرطين) من الذين لديهم ما يقولون، ولا يتدخلون إلا إذا طلب منهم التدخل…
- تعيين لجنة تقنية معززة بأسماء مشهود لها بالجدية والدراية والفعالية، خاصة من نجوم الفريق السابقين، لاختيار مدرب مناسب للمرحلة ولمساعدته على انتداب بعض العناصر الضرورية وليس لملء دكة الاحتياط (ولنا في خطوة فريق الجيش الملكي الأخيرة مثال يحتذى)…
- توسيع دائرة المنخرطين، والانفتاح على الجمهور عبر تمثيلياته الجادة والنشيطة…
- وضع استراتيجية واضحة، تستحضر البعد التكويني الذي ينبني على التخطيط المستقبلي ورسم الأهداف وترتيبها حسب سلم الأولويات
- وهكذا…
لا شك أن كل هذا وغيره، وأفضل منه، لا يغيب عن الأدهان، ولكن أشياء خفية تحول دون توجيه القافلة صوب المكان الموعود وفي الزمن المحدود…
- نلتقي!