شرعت، الخميس، وحدات من الشرطة الأوروبية “فرونتكس” في تنفيذ عملية “مينيرفا 2025” عند بوابة مدينة سبتة، بمشاركة عناصر أمنية من عدة دول أوروبية، في سياق يخلو من أي اتفاق ثنائي يضفي شرعية واضحة على مشاركة أجهزة أجنبية في تأمين نقطة تماس لا تعترف الرباط بسيادتها الإسبانية.
العملية، التي تمتد إلى مطلع شتنبر، تستهدف مراقبة حركة العبور في ذروة الموسم الصيفي، وتنفذ بالكامل على تراب مدينة تعتبرها الرباط ثغرا محتلا. وبالرغم من أن الجانب الإسباني يقدمها كجزء من تعاون أمني أوروبي لتأمين ما يسميه “الحدود الجنوبية للاتحاد الأوروبي”، إلا أن غياب التنسيق المعلن مع المغرب يطرح أسئلة قانونية حول نطاقها ومدى احترامها لواقع السيادة الإقليمية.
وبحسب إعلان صادر عن وزارة الداخلية الإسبانية، فإن عملية “مينيرفا 2025” تنفذ بمشاركة عناصر من الشرطة الإسبانية مدعومين بوحدات من فرونتكس، ويتوزعون على نقاط المراقبة في مداخل الميناء ومعبر الطرخال.
وتشارك في هذه العملية السنوية عناصر من أجهزة الشرطة الأوروبية، تتركز مهامها في مراقبة وثائق السفر، وتحديد محاولات العبور غير النظامي، وضبط شبكات التهريب، ضمن مهام تكميلية للوحدات الإسبانية. تضم الفرق المشاركة عناصر من البرتغال، فرنسا، رومانيا، فنلندا، وإيطاليا.
غير أن تنفيذ هذه التدابير في مدينة لم يحسم وضعها النهائي، وبدون إشراف ثنائي أو معاهدة تنظم الوجود الأجنبي، يجعل العملية محل تساؤل، خصوصا من زاوية مغربية.
في المقابل، تواصل السلطات المغربية تدبير عملية “مرحبا” عبر موانئها الوطنية، بما في ذلك طنجة المتوسط والناظور وبني أنصار، حيث تسجل معدلات عبور مرتفعة، يتم تأمينها وتنظيمها حصريا عبر أجهزة وطنية مدنية وأمنية دون اللجوء إلى أي دعم أجنبي.
وتؤكد مؤسسة محمد الخامس للتضامن، في تقرير مرحلي نشرته على موقعها الرسمي في يوليوز 2024، أن مئات الآلاف من المغاربة يعبرون هذه الموانئ في ظروف توصف بالمنظمة والفعالة، وتخضع لتنسيق دقيق بين مختلف المصالح.
ويبرز هذا التباين نموذجين متوازيين لإدارة العبور: نموذج مغربي يقوم على السيادة الكاملة والتنظيم الذاتي، وآخر أوروبي في سبتة يستند إلى مقاربة أمنية متعددة الجنسيات، تنفذ في معبر خارج أي اعتراف ثنائي متبادل، وتثار بشأنه تحفظات رمزية وقانونية.
وبحسب تقرير تلخيصي لعملية “مينيرفا 2024” نشر على الموقع الرسمي لوكالة فرونتكس في شتنبر الماضي، فقد تم تسجيل أزيد من 3700 عملية تفتيش و234 توقيفا، دون أن تتضح طبيعة المساطر القانونية المؤطرة لتدخلات عناصر فرونتكس أو قواعد عملهم في هذا الفضاء الخارج عن أي إشراف مشترك.
ورغم أن معبر سبتة يُستعمل خلال موسم العبور الصيفي من طرف عدد من المواطنين، إلا أن عملية “مرحبا”، التي يشرف عليها المغرب كل سنة، لا تدرجه ضمن بنيتها التنظيمية الرئيسية، ما يعكس حرص الرباط على التمييز بين المعابر ذات السيادة الكاملة وتلك التي توجد خارج نطاقها الفعلي.
وبينما يتزايد حضور الوحدات الأوروبية في سبتة، لا تبدي الرباط أي استعداد لإدماج هذا المعبر ضمن تصورها الرسمي لبوابات الدخول والخروج، وتكتفي بضبط الجانب المقابل منه وفق مقاربة أمنية دقيقة، تراعي موقع المعبر في خارطة السيادة غير المكتملة.
وفي غياب أي إطار تفاوضي يعيد تعريف طبيعة التعاون في هذا الموقع الحدودي المختلف، تستمر عملية “مينيرفا” في تثبيت واقع أمني أحادي، تصفه مدريد بالضروري، بينما تفضل الرباط التمسك بالصمت، والاكتفاء بإبراز تفوقها اللوجستي والتنظيمي داخل موانئ السيادة الوطنية.