فتح تصريح عمدة مدينة طنجة، منير ليموري، حول الزامية النصاب القانوني لعقد دورات الجماعات، المجال امام نقاش متعدد المستويات بشأن طبيعة هذا المقتضى التنظيمي وحدود استعماله، بعدما وصفه المسؤول الجماعي بانه “اداة ابتزاز سياسي” تُستغل لتعطيل سير المرفق العمومي وهدر الزمن والمال العام، على حد تعبيره.
وتحدث ليموري، ضمن حوار مصور يُبث لاحقا عبر جريدة “طنجة 24″، بلغة نقدية عن أعطاب متكررة في عقد دورات المجلس الجماعي، مرجعا بعضها الى غيابات متعمدة من طرف اعضاء يُفترض انخراطهم في الاغلبية، ما كاد ان يعرض بعض الجلسات لانتفاء النصاب القانوني المنصوص عليه في المادة 42 من القانون التنظيمي رقم 113.14 المتعلق بالجماعات.
وينص هذا المقتضى على ان مداولات مجلس الجماعة لا تكون صحيحة الا بحضور اكثر من نصف اعضائه عند افتتاح الدورة، على ان يتم تحديد جلسة ثانية اذا لم يتوفر النصاب، ثم جلسة ثالثة تُعقد بمن حضر.
لكن بالنسبة لعدد من المتتبعين، تحول هذا التسلسل، الذي وُضع لضمان الانعقاد في نهاية المطاف، الى مساحة للمناورة او الضغط السياسي، ما جعله محل انتقاد في الممارسة اكثر مما هو في النص.
وفي هذا السياق، قال ليموري ان تكرار الغيابات وتحويل النصاب الى ورقة تفاوض او عرقلة يُفرغ العمل الجماعي من اهدافه الاساسية، ويحول الاداة التنظيمية الى عائق مؤسسي.
كما شدد على ان هذا الاستعمال المُفرط للنصاب لا يُفضي فقط الى تعطيل الاشغال، بل يؤدي بشكل مباشر الى هدر الزمن التدبيري والمال العام، حين تتكبد الجماعة كلفة تنظيم دورات متكررة تُفرغ من محتواها.
واضاف العمدة، في معرض تصوره، ان المؤسسة التشريعية الوطنية تمرر قوانين استراتيجية تؤثر على الحياة اليومية للمواطنين بمن حضر، دون ان يُشترط في ذلك توفر النصاب العددي، متسائلا عن سبب الابقاء على هذا الشرط العددي الصارم داخل المجالس الجماعية، رغم اختلاف السياقات الدستورية والمؤسساتية.
وفي المقابل، ترى بعض الاراء ان تصريح العمدة لا يطرح اشكالا قانونيا بقدر ما يعكس اضطرابا سياسيا داخليا، اذ لم يسبق ان كان النصاب محل نقاش جدي في اليات تدبير المجالس، باعتباره احد الضمانات التي تمنع الانفراد بالقرارات وتُكرّس التداول.
ووفق هذا الطرح، فان استحضار موضوع النصاب في هذا التوقيت لا يمكن فصله عن السياق المحلي الذي عرف اكثر من مرة مناوشات من داخل مكونات نفس التحالف، الذي يقوده حزب الاصالة والمعاصرة الى جانب التجمع الوطني للاحرار، وحزب الاستقلال، والاتحاد الدستوري.
ويُصر ليموري من جانبه على ان التماسك داخل المكتب المسير يظل قائما، وان بعض التصرفات الفردية لا تعكس اختلالا في التحالف، بل تمثل حالات معزولة تتحمل الاحزاب المعنية مسؤولية ضبطها، على حد قوله.
وفي العمق، لا يُعيد تصريح عمدة طنجة فتح النقاش حول النص القانوني في ذاته، بل يُسلّط الضوء على التوتر القائم بين المشروعية الاجرائية للنصاب، والوظيفة السياسية التي قد يُستعمل من خلالها لتعطيل سير المؤسسة.
وبينما لا تُوجد مؤشرات على قرب مراجعة النص القانوني، تظل الممارسة وحدها قادرة على اعادة الاعتبار الى مقتضى يُفترض فيه ضمان التداول، لا تصريف المناورات.