على أعتاب العام الخامس لإغلاق معبر باب سبتة، تتفاقم مظاهر اليأس بشكل أكثر حدة في أوساط ساكنة مدينة الفنيدق، الذين لجأ العديد منهم إلى عرض منازلهم أو محلاتهم التجارية للبيع، في أفق الانتقال الى منطقة أخرى قد تحمل فرصا أفضل للعيش.
المشهد في العديد من شوارع وأحياء الفنيدق أصبح مألوفًا، لافتات “للبيع” منتشرة في كل مكان. منازل كانت مأوى لعائلات لأجيال عدة، ومحلات كانت تعج بالزبائن بفضل الحركة الاقتصادية التي وفرها المعبر، أصبحت اليوم مجرد أصول يحاول أصحابها التخلص منها لتأمين السيولة اللازمة للانتقال إلى مناطق أخرى.
هذا التوجه ليس مجرد نتيجة لضائقة مالية عابرة، بل هو انعكاس لأزمة طويلة الأمد أثرت على معيشة السكان وحالت دون إيجاد بدائل اقتصادية فاعلة.
ويقول أحد سكان المدينة المتاخمة لسبتة المحتلة “لم يعد هناك مجال للاستمرار هنا. كل شيء توقف بعد إغلاق المعبر، والآن نبحث عن فرص في تطوان أو طنجة، حيث قد نجد عملاً أو حياة أفضل.”.
الإغلاق المفاجئ للمعبر في عام 2020 تسبب في شلل اقتصادي واسع النطاق. السكان الذين كانوا يعتمدون على “التهريب المعيشي”، سواء عبر بيع البضائع المستوردة من سبتة أو توفير خدمات للسياح والمقيمين، وجدوا أنفسهم فجأة بلا مصدر دخل.
ومع مرور الوقت، استنفدت الكثير من العائلات مدخراتها، مما دفعهم إلى عرض ممتلكاتهم العقارية للبيع كملاذ أخير.
لكن هذه الخطوة لا تأتي بدون عقبات؛ فالسوق العقاري في الفنيدق يعاني من ركود حاد. على الرغم من ارتفاع عدد العقارات المعروضة للبيع، فإن الطلب ضعيف بشكل ملحوظ.
ويؤكد وكيل عقاري ان “الكثير من البائعين مضطرون لخفض الأسعار بشكل كبير، وحتى مع ذلك، لا يجدون مشترين بسهولة.”.
ويضيف هذا الوكيل، ان “المستثمرون يخشون من الأوضاع الاقتصادية غير المستقرة، والمشترون المحتملون ينتظرون انخفاض الأسعار أكثر.”
ورغم محاولات من طرف متدخلين حكومية أو ترابيين، لتقديم بدائل، من خلال إنشاء منطقة الأنشطة الاقتصادية في الفنيدق، على سبيل المثال، لم تحقق تلك الجهود الأثر التنموي المنشود حتى الآن.
المبادرات التي سعت إلى جذب المستثمرين لم تكن هي الأخرى كافية لتعويض الخسائر التي لحقت بالسكان بعد إغلاق المعبر.
ويعيش العديد من السكان حالة من الإحباط المتزايد، حيث لم يتمكنوا من إيجاد فرص عمل بديلة، وهو ما يدفعهم إلى البحث عن مستقبل أفضل خارج مدينتهم.
ويعكس المشهد العقاري في مدينة الفنيدق الأزمة الاقتصادية بأبعادها المختلفة، انخفاض في الطلب، تزايد في المعروض، وأسعار في تراجع مستمر، فيما السكان لا يبيعون ممتلكاتهم فقط، بل يتخلون عن جزء من تاريخهم وجذورهم في مدينة باتت غير قادرة على توفير فرص للحياة الكريمة لهم.