كنا على الشاطئ نلتقط الاصداف الجميلة ذات اللون الوردي والازرق عندما رأينا عددا من المغاربة يقفون فوق الصخور، فقال مانويل ” دعنا نذهب لنرى ما أن كانوا سيصطدون السمك بالديناميت”. لأنهم لا يملكون عود الصيد الذي يصطدون بهم عادة، لذلك أسرعنا مباشرة.
لكن عاصفة مطرية أمسكتنا وكان علينا أن نحتمي داخل أحد الكهوف التي كانت يوما قبورا للفنيقيين القدماء. وكنت سعيدة عندما توقف المطر بسرعة، لأني كنت متشوقة للخروج مرة ثانية.
بعد حين رأينا الرجال يقفون مثل الحراس فوق قمة الصخور ينتظرون مرور أسراب السمك قادمة مع المد. ومانويل كان يدخن سيجارة، وعندما كانوا مستعدين أعطاهم اياها لإشعال خرطوشة الديناميت.
كنت متحمسة تماما، متوقعة أن أرى الصخور تتطاير من قاع الشاطئ عندما يرمون الخرطوشة فيه، لكنها لم تحدث سوى ضجيجا طفيفا ثم بدأ الماء في الفوران فوق السطح. مسكينة تلك الاسماك الصغيرة أظن أنها أحست بالرعب، لكن أعتقد أن الخرطوشة قتلتهم جميعا دفعة واحدة، وهم يظنون ربما أنه “غاي فاوكس” ]1[ !.
الرجال لم يستغرقوا وقتا طويلا في خلع ملابسهم فغطسوا دفعة واحدة وأمسكوا بالسمك بأيديهم، إذ يجب عليهم أن يكونوا سريعين قبل أن يغرق السمك، وكل واحد منهم يحمل في يده حبل رقيق في فمه وبه قطعة خيزران حادة في نهايتها ثم يدخلون السمك عبرها فيصبح كحلقات معلقة بالحبل.
الرجال الذين ظلوا فوق الصخور كانوا متحمسين ويصرخون باستمرار وهم يشيرون بأصابعهم إلى السمك الذي لا زال يطفو على سطح الماء. ثم خرج الاخرون من الماء، بعدما التقطوا أكبر الاسماك على ما أعتقد، وطبعا حتى الاسماك الصغيرة قتلت في الانفجار وهذا أمر محزن لها.
أردت أن أحصل على بعض تلك الاسماك لتناولها مع الشاي، لكن مانويل أخبرني بأنني لن أحبها لأن مذاقها يمتزج به البارود !.
يتبع…
…………………………..
1 – غاي فوكس هو متمرد انجليزي كاثوليكي شارك في محاولة اغتيال الملك الانجليزي جيمس الاول البروتستاني سنة 1605م بوضع متفجرات الديناميت أسفل قصر وستمنستر، لكن محاولته كشفت وألقي عليه القبض قبل إتمام مخططه.
لمتابعة جميع حلقات السلسلة: إضغط هنا