تسجل مدينة طنجة، خلال الأسابيع الأخيرة، تناميا مقلقا في الأنشطة المرتبطة بترويج المؤثرات العقلية، في وقت تُواصل فيه المصالح الأمنية تنفيذ عمليات نوعية لتطويق هذه الظاهرة التي تصنّفها المديرية العامة للأمن الوطني ضمن أولويات التدخل الميداني، لما تشكله من تهديد مباشر للسلامة الجسدية للمواطنين والنظام العام.
وحسب معطيات استقتها جريدة طنجة 24 الالكترونية من مصادر مطلعة، فقد تم ادراج مدينة طنجة ضمن النطاق الترابي المشمول بالحملة الوطنية التي أطلقتها المديرية العامة للأمن الوطني، بتوجيهات من المدير العام عبد اللطيف الحموشي، من أجل تعزيز آليات التصدي لترويج الأقراص الطبية المخدّرة ومواد “الإكستازي” و”القرقوبي”، التي ارتبطت خلال الأيام الماضية بعدد من الجرائم العنيفة وحالات السطو باستعمال العنف.
وفي أحياء حضرية تعرف هشاشة اجتماعية وتخطيطا عمرانيا معقدا، يتم رصد ممارسات يومية لتوزيع هذه المواد بطرق تتجاوز النمط التقليدي، من بينها أسلوب “السطل المدلى من النوافذ”، الذي يُستعمل في إتمام عمليات التسليم النقدي للممنوعات، ويعبّر عن تحوّل هذه الظاهرة إلى نشاط يومي داخل بعض الأوساط السكنية.
وتؤكد مصادر أمنية عدم وجود ما يدعو إلى تصنيف الوضع في خانة “الاختلال الممنهج”، مشيرة إلى أن ولاية أمن طنجة تشتغل ضمن مقاربة قائمة على التدخلات الاستباقية، مدعومة بفرق تقنية وميدانية متخصصة في تحليل المعطيات الإجرامية، وتحديد النقط التي تُسجَّل فيها مؤشرات مرتفعة لترويج المواد المخدرة.
ووفق المصدر ذاته، يتم يوميا تنفيذ عمليات أمنية ميدانية، أسفرت عن توقيف عدد من الأشخاص المتورطين في الحيازة أو الاتجار أو التوزيع غير المشروع للمؤثرات العقلية، مع حجز كميات من الأقراص المخدرة والمواد ذات التأثير النفسي القوي.
غير أن فاعلين جمعويين وخبراء في مجال العدالة الجنائية يعتبرون أن المقاربة الزجرية، على أهميتها، لا يمكن أن تكون كافية بمفردها، بالنظر إلى “تطبيع” بعض الفضاءات مع مظاهر الترويج العلني، و”تحوّل بعض الأحياء إلى فضاءات مغلقة يعاد فيها إنتاج هذه الممارسات خارج رقابة المؤسسات التربوية أو آليات الوساطة المجتمعية”.
وتندرج هذه التحديات ضمن سياق خاص تستعد فيه طنجة لاحتضان تظاهرات كبرى، من بينها نهائيات كأس إفريقيا للأمم المقررة نهاية السنة الجارية، ما يستدعي، وفق عدد من المتتبعين، “تعبئة متعددة المستويات” تشمل إلى جانب المديرية العامة للأمن الوطني، باقي المتدخلين في الشأن المحلي، من سلطات ترابية ومؤسسات منتخبة وقطاعات اجتماعية.
ويحذّر مراقبون من أن استمرار بعض أنماط الترويج في الإفلات من الضبط، قد يؤدي إلى إعادة إنتاج نمط إجرامي أكثر تنظيماً، خصوصاً في ظل ما يُسجَّل من استغلال للفراغات العمرانية أو الوضعية الاجتماعية الهشة، ما يستدعي، وفق تعبيرهم، “استراتيجية شاملة لتجفيف منابع التوزيع، وتحقيق أمن وقائي مستدام”.