لا تزال شوارع مدينة طنجة تسجل سلوكيات متهورة من طرف قاصرين على متن دراجات نارية، خصوصا من نوع “سانيا”، في مشهد بات يعكس استمرار ظاهرة استعصى احتواؤها رغم الحملات التي تباشرها فرق الشرطة على فترات متفرقة.
مساء الجمعة، أوقفت فرقة الدراجين قاصرا يبلغ من العمر 16 سنة، بعد ظهوره في مقطع فيديو وهو يقود دراجة بطريقة استعراضية في الشارع العام، رفقة فتاة، في ظروف تفتقر لشروط السلامة وتعرض مستعملي الطريق للخطر.
وتم حجز الدراجة النارية وإحالة المعني بالأمر على المصلحة المختصة تحت إشراف النيابة العامة.
وتأتي هذه الواقعة ضمن سلسلة من التدخلات التي نفذتها مصالح الأمن خلال الأشهر الماضية، دون أن تُحدث تحولا ملموسا في انتشار هذا النوع من السلوك، خاصة داخل الأحياء الهامشية.
ويرتبط استمرار الظاهرة، حسب مصادر عديدة، بضعف الرقابة على كراء الدراجات النارية، ووجود كراجات غير مرخّصة تتيح لقاصرين استعمالها دون رخص أو تأمين، ما يفرز حالات يومية من السياقة غير القانونية والاستعراضات الخطرة.
وتجد المصالح الأمنية صعوبة في تعقب كافة الحالات، نظرا لطبيعة الأحياء التي تتحرك فيها هذه الدراجات، وغياب منظومة تتبع لعمليات الكراء، فضلا عن عدم توفر غالبية القاصرين على وثائق تعريف أو ترقيم قانوني للدراجات.
وغالبا ما تتفادى الدوريات مطاردة السائقين المتهورين تفاديا لحوادث محتملة، وهو ما يزيد من هامش المناورة لديهم ويكرّس الإحساس بعدم الخضوع لأي رادع فوري.
ويشتكي سكان عدد من الأحياء من تحول هذه الدراجات إلى مصدر إزعاج دائم، سواء بسبب الضجيج الناتج عنها أو المخاطر التي تشكلها على الأطفال والمارة، خصوصا قرب المؤسسات التعليمية والأسواق.
وفي المقابل، لا تتوفر معطيات رسمية دقيقة حول عدد المحلات التي تزاول كراء الدراجات دون ترخيص، ولا حجم الاستعمال غير القانوني لهذه الوسيلة من طرف القاصرين.
وتطالب فعاليات مدنية بإعادة تنظيم قطاع كراء الدراجات النارية، وإخضاعه لدفتر تحملات واضح، يربط المسؤولية القانونية بأصحاب المحلات، مع فرض تتبع إلكتروني لكل عملية كراء، واعتماد حملات تحسيس مستمرة موجهة للفئات المستهدفة.
كما تدعو إلى إشراك الأسر والمؤسسات التعليمية في المعالجة، خاصة في ظل ما تعتبره تواطؤاً صامتاً مع الظاهرة أو عجزاً عن احتوائها من داخل المحيط العائلي.
ورغم توالي الوقائع، لا تُسجّل مؤشرات على تراجع هذه السلوكيات، ما يطرح أسئلة حول حدود المعالجة الزجرية في غياب إجراءات بنيوية تُعيد ضبط العلاقة بين الفضاء العمومي، وسلامة التنقل، ومفهوم المسؤولية القانونية داخل الوسط الحضري.