بعد أربعة أشهر من المماطلة والتسويف، وبعد معاناة مريرة لعائلة اللاعب المغربي عبد اللطيف أخريف، وصلت جثمانه أخيرًا إلى طنجة، مسقط رأسه.
لكن “مأساة أخريف” لم تكن مجرد حادث غرق عابر، بل كانت قنبلة موقوتة كشفت للعالم الوجه القبيح للنظام العسكري الجزائري، الذي فضحته المأساة الإنسانية التي تعامل معها كأنها لعبة سياسية باردة.
غرق أخريف في البحر المتوسط الصيف الماضي قبالة سواحل الجزائر، حيث لفظته أمواج البحر بعد أن كان في رحلة سياحية بالقرب من منتجع في مدينة المضيق.
ورغم أن الجزائر كانت الدولة التي وقعت فيها الحادثة، فإنها امتنعت، لأشهر، عن تسليم جثمان اللاعب إلى عائلته، ما أدى إلى تصاعد الضغوط الحقوقية والشعبية على النظام الجزائري.
لكن هذا النظام الذي يسيطر عليه العسكر، اعتاد أن يراهن على الزمن ليتعاطى مع مثل هذه القضايا، وكأن حياة البشر وأحزانهم مجرد أوراق ضغط سياسية.
ما جرى ليس مجرد خطأ إداري، بل هو ممارسة متعمدة للذل والمهانة بحق أسرة مفجوعة، ويُعد دليلاً قاطعًا على أن النظام الجزائري يقتات سياسيًا على الجثث.
أربعة أشهر من الانتظار القاسي كانت كافية للكشف عن طبيعة النظام الذي يفضل إهانة الإنسان قبل أي شيء آخر، في حين انشغل بالسياسات واللعب على الأوتار الدولية.
لن يغفر العالم لهذه المماطلة، ولن تغفرها عائلة أخريف التي عاشت معاناة لا مثيل لها. وكلما طال الوقت، كلما بدا أكثر أن النظام العسكري الجزائري ليس لديه أي احترام لكرامة الإنسان، ولا يملك القدرة على إدراك أبسط معاني الإنسانية.
النظام الذي يرتكب هذه الأفعال لا يعبأ بحياة فرد أو عائلة، بل يراها مجرد أداة في معركته السياسية.
ومع استلام الجثمان أخيرًا، ليس من المتوقع أن تختفي “مأساة أخريف” من ذاكرة الشعبين المغربي والجزائري أو المجتمع الدولي بسهولة. بل ستظل تلاحق النظام الجزائري كوصمة عار، تفضح حقيقة نظام يعتمد على تصفية الحسابات على حساب الأرواح البشرية، ولا يكترث سوى بمصالحه الشخصية على حساب مشاعر وأحزان الأبرياء.